كُتبت الكثير من التحليلات عن الحرب الروسية – الأوكرانية حتى قبل بدايتها وتحدث عنها المحللون في كافة وسائل الإعلام بدءاً من أسبابها وتطوراتها وحتى النهايات والسيناريوهات المتوقعة لها.
في الأزمات والحروب كل يدلي بدلوه، منذ بدء الأزمة الأوكرانية والعالم يترقب ويتابع، وبما أن الأحداث السياسة مغرية خاصة للشعوب العربية نجد أن الكل يحلل حسب ما يراه، وهنا مربط الفرس، التحليل السياسي يحتاج من المحلل امتلاك المعلومة أو جزء منها أو المهارة والقدرة على رصد المؤشرات والمتابعة الدقيقة للأحداث ليبني عليها تحليله ورأيه بواقعية علمية بعيداً عن العاطفة والأهواء الشخصية والرغبات والتمنيات.
إن المتابع لما ينشر في وسائل الإعلام عن تطورات الأزمة الأوكرانية يرى أن الحرب الإعلامية أكثر حدة وشراسة من ميدان المعركة، فأحياناً يلعب الإعلام دور المعلق الرياضي في مباراة كرة القدم فيجعلها مباراة حماسية ولو تابعتها من دون تعليق لسببت لك النعاس من بطء رتمها.
حقيقة أننا نتلقى المعلومات والتحليلات من وسائل الإعلام وبناء على ما نستقبله منها تتكون آراؤنا وربما توجهاتنا وعقائدنا، لذا لا بد من الحرص والوعي وعدم الانجرار خلفها حتى لا نصبح مجرد مرددين لقناعات غيرنا، وحتى لا ينطبق علينا ما ذكره «غوستاف لوبون» في كتابه سيكولوجية الجماهير حيث يتم التأثير على الجماهير باستخدام وسائل وتقنيات إعلامية من خلال فهم نفسياتها وطرق التأثير عليها، بحيث يكون الفرد داخل الجماعة منقاداً لها بلا وعي.
نحن نتلقى معظم المعلومات والتحليلات من المصادر الإعلامية الغربية التي تمثل وجهة نظر معينة ومصالح محددة
ما يحرك الجماهير هي الإثارة والعواطف بحيث تصدق كل شيء بلا تفكير ولا تتسامح مع من يخالفها، أما الحجج والبراهين العقلية فيكون تأثيرها بسيطاً.
في حقيقة الأمر، نحن نتلقى معظم المعلومات والتحليلات من المصادر الإعلامية الغربية التي تمثل وجهة نظر معينة ومصالح محددة، فماذا لو اطلعنا على مصادر أخرى غير المصادر الغربية؟ هل ستكون لنا نفس وجهة النظر؟ علينا أن نعي أنه لا يوجد إعلام محايد، وكما يقول المثل الشعبي «كلٍ يهيل الظو صوب قرصه» والمعنى أن كلاً يبحث عن مصلحته الخاصة في أوقات الأزمات والحروب يكون دور الإعلام داعماً ومسانداً للسياسة الوطنية لبلاده وينحاز انحيازاً تاماً للتوجهات والقرارات الحكومية فيما يتعلق بالأزمة أو الحرب.
حتى لا نكون عاطفيين ونتأثر بالتغطية الإعلامية للحرب، لا بد من معرفة أنها حرب إعلامية وهي جزء لا يتجزأ من الحرب الميدانية أو العسكرية، حيث تستهدف الآلة الإعلامية السيطرة والتأثير على الرأي العام من خلال السيطرة على مصادر المعلومات وتحديد نوعها وتوقيت نشرها وتضخيمها أحياناً والتقليل من شأنها أحياناً أخرى.