تجسّد المسيرة التعليمية للمواطن الشاب، مسلم سالم القبيسي، المقولة الذائعة بأن «الإعاقة حافز وليست حاجزاً»، وتمثل دروساً في الأمل والتفاؤل والإصرار على العمل والنجاح، مهما بدت الصعوبات كبيرة، الأمر الذي أكده التحاقه بصفوف طلاب الدراسات العليا في التسويق في «جامعة ليدز» بالمملكة المتحدة، ويتطلع بعدها إلى درجة الدكتوراه.
تجاوب القبيسي بشكل كبير مع إعاقته الحركية في سن مبكرة، وبدأ يفكر، خلال رحلة علاجه لسنوات طويلة في الغربة، بضرورة الاعتماد على نفسه، وأدرك أن الخطوة الأولى في التنفيذ تكمن في العلم، وقد تلقى تعليمه من الصف الأول وحتى الخامس في رحلة العلاج خارجياً، التي بدأت لتفادي تفاقم إصابته في العمود الفقري إلى شلل نصفي، وذلك بعد حادث دهس أليم تعرض له وهو في سن السادسة. وعلى الرغم من عدم تماثله للشفاء إلا أنه آثر مواصلة تعليمه وإكماله فور عودته بالكرسي المتحرك إلى أرض الوطن، حتى نجح في الحصول على شهادة الثانوية العامة.
يقول القبيسي: «عشت حياتي منذ الصغر في الغربة بآلام المرض، ونجحت في تحديها بدعم والديّ اللذين تحمّلا الغربة التي خسرا فيها شقيقي في حادث سير تعرضوا له أثناء مرافقتي، هذه الصعوبات، وغيرها الكثير زادت، على مرارة قسوتها، من عزيمتي، وجعلتني أدرك مبكراً ماهية المسؤولية وحجمها وضرورة الاعتماد على نفسي بعدم الاتكال على الغير، وعليه تيقنت أن الخطوة الأولى تكمن في التسلح بالعلم الذي من شأنه مساعدتي على تحقيق ذلك وتحدّي الكرسي».
تواصل تحدي القبيسي للكرسي بمواصلة التعليم، فالتحق عن طريق «جهاز أبوظبي للاستثمار» ببعثة إلى «جامعة هيرويد» ببريطانيا لدراسة إدارة الأعمال وتكنولوجيا المعلومات، واستكمال حياة الغربة «التي نجحت من خلالها في تعزيز اعتمادي على نفسي، وتحمّل مسؤولياتي بمفردي من دون معين»، وفقاً للقبيسي الذي أكد أن ذلك «تكلل بالنجاح في ظل المرافق والخدمات الخاصة التي تذلل كل الصعوبات والعراقيل التي تقف أمام ذوي الاحتياجات الخاصة على اختلاف إعاقاتهم».
تبنّى القبيسي في غربته قضايا نظرائه من ذوي الإعاقة، فشارك في الأعمال التطوعية التي تستهدفهم، وحرص في الوقت نفسه على الاندماج مع أقرانه من الأسوياء، ما دفعه إلى الانضمام عضواً في «اتحاد طلبة الإمارات بالمملكة المتحدة والجمهورية الأيرلندية»، ليتمحور دوره في الأنشطة الطلابية وتنظيم الحفلات والتجمعات، ويُرشح لاحقاً لتولي منصب نائب رئيس الاتحاد حتى عام 2004 عندما حصل على شهادته.
تآلف القبيسي مع الغربة «التي بنت ثقتي بنفسي وبقدراتي على العطاء بلا حدود»، ما دفعه إلى إكمال مشواره التعليمي في بريطانيا بالالتحاق بصفوف طلاب الدراسات العليا عن طريق بعثة من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي إلى «جامعة ليدز»، ليختار هذه المرة تخصصاً مختلفاً هو التسويق، سعياً لتحقيق استفادة أكبر وأغزر «لاسيما أنه يشجع على الابتكار والنمو، ويسهم في بناء الإمكانات وتطوير القدرات، وتوسيع المعارف في حقول متخصصة، مثل العلاقات العامة ومهارات الاتصال وسلوك العملاء، وغيرها»، وفقاً للقبيسي.
المصدر: الإمارات اليوم