أكتب هذا المقال على متن طائرة “فلاي دبي” المتجهة من دبي إلى أبها. شكراً فلاي دبي أن جعلتِ زيارة والدي وبعض أقاربي في أبها رحلة سهلة وسريعة وغير مكلفة. وشكراً أن أنقذت أمثالي من المرور بمطارات المدن الكبرى في بلادي حيث يكون السفر عبرها معاناة وهدر للوقت. في تلك المطارات، لا تستبعد بعد أن أكدت حجزك وودعت مودعيك أن تكتشف – من دون سابق إنذار – أن مقعدك قد نهب – عيني عينك – أو أن رحلتك قد ألغيت أو أجلت لأجل غير معلوم. تخطط أحياناً أن تسافر ليومين فتضطر أن تغيب عن أعمالك لأيام لأن مطارات المدن الكبرى ما زالت “مغرزة” في فوضى الزمن الذي مضى. أو أنها قد ازدادت تراجعاً. يا لسوء أحوالنا، كيف صرنا نفرح أننا لم نعد نمر بمدننا الكبيرة حيث ذكريات الصبى و موطن الأصدقاء الذين نشتاق فعلاً لرؤيتهم؟ سامح الله من “كرّهنا” في مطاراتنا ومن جعلنا نضع أيدينا على قلوبنا ونحن نسافر بين مدننا. أم أنهم أرادوا لنا أن نؤمن فعلاً أن من شروط المواطنة الحقة أن يمتحن صبرك وسعة صدرك على معاناة السفر في بلادك. كثيراً ما أقترح على بعض المسؤولين في بلادي ممن يتهمني بالمبالغة في وصف سوء مطاراتنا أن يجرب السفر كما يجربه أغلب الناس ممن لا يركبون طائرة خاصة ولا يمرون عبر بوابات الصالة التنفيذية. ولو كان لي قرار لفرضت على كل مسؤول أن يسافر مثلما تسافر غالبية الناس كي يعرف لماذا يفرح أمثالي عند السفر إلى أبها دون حاجة المرور بمطارات المدن الكبرى!