كاتب قطري متخصص في حقوق الإنسان والحوار الحضاري والفكر السياسي
أمر صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، حفظه الله تعالى، بالإفراج عن المواطنين القطريين اللذين صدر بحقهما حكم من محكمة أمن الدولة، وذلك تأكيداً لحرص دولة الإمارات العربية المتحدة على توطيد العلاقات الأخوية الوثيقة التي تجمع بين قيادتي وشعبي البلدين الشقيقين، دولة الإمارات العربية المتحدة ودولة قطر.
وقد لقى هذا القرار السامي ردود أفعال مجتمعية إيجابية، أشادت بقيادة الدولة الحكيمة، الحريصة على تعزيز علاقاتها بأشقائها من الخليجيين والعرب والساعية دوماً لما يحفظ ويصون المصالح العليا لدولة الإمارات العربية المتحدة، ولما فيه سعادة شعبها والشعوب الخليجية عامة. وإني كمواطن قطري، إذ أُقدِّر وأشيد، امتناناً وعرفاناً، بصدور هذا العفو السامي من لدن قيادة دولة الإمارات العربية المتحدة، فإني أرى أنه ليس بالأمر الغريب على الدولة وقيادتها الحكيمة، والتي عرفت بالعفو والتسامح منهجاً راسخاً في سياستها الداخلية وعلاقاتها الخارجية. إن العفو والتسامح سجية أخلاقية سامية ومتوازنة لدى هذه القيادة، فهي تتعالى على الصغائر وتعفو عند المقدرة وتتناسى الإساءة وتتجاوز عن العثرات وتصفح الصفح الجميل، انطلاقاً من تعاليم ديننا السامية وامتثالا لقول الله تعالى: «فاصفح الصفح الجميل»، ولقوله عز وجل، موجهاً رسوله الكريم عليه الصلاة والسلام: «فاعف عنهم واصفح، إن الله يحب المحسنين».
إنه تراث الشيخ زايد -رحمه الله تعالى- حكيم العرب وأحد عظماء قادة العالم، وقد أسس دولة الإمارات العربية المتحدة على دعائم المحبة والتسامح وحب الخير والبذل والعطاء ونشر السلام والتعاون وتوحيد الصف الخليجي والعربي، ما جعل هذه الدولة نموذجاً فذاً ورائداً يشع نوراً ومحبة وخيراً وأملاً ويشكل مقصداً لعقول وأفئدة تهفو وتسعى للعيش في هذه الأرض الخيّرة المعطاء والحريصة على كرامة الإنسان وحريته والمحفزة لطاقاته ومواهبه وقدراته نحو البناء والتنمية والإبداع والابتكار لما فيه نفعه ونفع المجتمع والدولة.
إن دولة الإمارات العربية المتحدة، بهذا الأمر السامي وهذا العفو الجميل، فضلاً عن كونها تجسد قيمة التسامح والعفو في أجمل صورهما، فإنها تثبت وتؤكد حرص القيادة الحكيمة على وحدة البيت الخليجي، والعمل على تقويته وتحصينه من جميع العوامل المسببة للفرقة والانقسام، تعزيزاً لأهداف مجلس التعاون الخليجي في تنمية التعاون الوثيق بين الأشقاء الذين تربطهم وحدة التاريخ والجغرافيا والمصير المشترك. فالخليجيون مهما تعددت مشاربهم السياسية واختلفت اجتهاداتهم ورؤاهم فهم في النهاية «عرب الخليج».
وقد جاء هذا العفو السامي والحكيم ليثبت مرة أخرى نجاح دولة الإمارات في نهجها القائم على الوسطية والاعتدال وبث روح التسامح وقبول الآخر والسعي لوأد الفتن واحتواء الخلافات وإصلاح ذات البين والحرص على تماسك البيت الخليجي والعربي.
وقد جاء هذا العفو الكريم ليبعث رسالة قوية للعالم بأن «البيت الخليجي» قادر على مواجهة التحديات. فالشكر كل الشكر لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد رئيس الدولة حفظه الله، والشكر كل الشكر لدولة الإمارات العربية المتحدة وشعبها الحبيب.
المصدر: الإتحاد