لم تقف مسارات ومجالات تطور الإعلام في الإمارات عند حدود معينة، منذ عقود، إذ إن قيم اتحاد الدولة ورؤى قادتها، تنير دروب الإبداع والتميز والتطوير الجذري في هذا الحقل، وذلك ترجمة وتحقيقاً لفكر ومبدأ ونهج القائد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان. وقد كللت الدولة هذا المنجز في العقد الأخير من القرن الحالي بشكل بحق، ببلوغ نجاحات نوعية متفردة في حقل الإعلام الرقمي، وذلك ضمن شتى مؤسساتها الإعلامية، إذ حققت معها نقلات لافتة وريادة عالمية في هذا التخصص وعلى صعيد صناعة المحتوى، وذلك بفضل مقومات التقنية الرقمية العصرية المتفوقة والكوادر الإبداعية المتميزة. وبطبيعة الحال، فإن هذا الواقع الذي نرى فيه الذكاء الاصطناعي بات جزءاً مفصلياً رئيسياً في العمل الإعلامي الإماراتي، ينبئ بتطورات أكبر وأهم وأدق في المستقبل، يكفل أن تبقى معها مؤسسات الدولة رائدة العمل الإعلامي وصناعة المحتوى في المنطقة والعالم. إذ نجد أن تقنيات الذكاء الاصطناعي تحجز مكانها الأبرز في العملية الإعلامية وتفتح الدروب لدور أكبر في المستقبل وذلك في دولة التي لا تفتأ تتبنى كل ابتكار عصري ونوعي في العمل الإعالمي وصناعة المحتوى، كما يحدث في المجالات الأخرى.
كسر النمطية
يشير صانع المحتوى وعضو مجلس الشباب الإماراتي شهاب الهاشمي إلى أن الإمارات ستكون قائدة الإبداع في صناعة المحتوى الرقمي، وذلك بناء على ما تحققه من قفزات وتشهده من تطورات في المجال. ويتابع: المحتوى الرقمي الإماراتي خطى خطوات متميزة في مجال كسر الصورة النمطية عن المحتوى العربي، ودور صنّاع المحتوى العرب، الذين يتمتعون بأسلوب حيوي وشبابي مُلهم، حيث في مجال الإعلام الرقمي التفاعلي بالتوازي مع الإعلام التقليدي، الذي استفاد اليوم من تقنيات وسائل التواصل الاجتماعي ومنصاته الرقمية في تقديم نفسه برؤية معاصرة وعالمية التأثير، معتمداً في ذلك على قوة وأهمية الموضوعات، التي يتم نشرها بالدرجة الأولى، فالمحتوى الجيد يفرض نفسه في كلتا الوسيلتين، وهي الفاصل في عملية التفاعل، فإحدى أهم القواعد في صناعة المحتوى الرقمي أن يقدم شيئاً مفيداً للجمهور المستهدف وفريداً. وختم : ومن دون شك فإن دولتنا تدرك أن الثقافة والوعي المعرفي لأفراد المجتمع ضماننا لمستقبل واعد لصناعة المحتوى العربي والمحلي.
أبعاد إنسانية
ويعتقد صانع المحتوى حمد جاسم أن من أهم تأثيرات الإعلام الجديد في دولة الإمارات أنه تجاوز حدود الزمان والمكان، وفتح باب المشاركة في المعلومات والمعرفة أمام الجميع، ومنح وسائل الإعلام بعداً إنسانياً تشاركياً، من خلال شبكات التواصل الاجتماعي، عبر خلق أجواء تفاعلية مع المتلقي الذي بات شريكاً أساسياً في صناعة المحتوى، وتطويره من خلال سرعة تناقله ودعمه بالصورة الحية والمعبرة والتعليقات ذات الصلة، ما أسهم في مواكبة الأحداث على مدار الساعة ونقلها مباشرة من مكان حدوثها، وهذه الشبكات مكنت الناس من التعبير عن طموحاتهم ومطالبهم، من خلال مشاركتهم في تغذية هذه الشبكات بالأخبار والمعلومات، والمساهمة بشكل فعال في صناعة وإدارة المضامين الإعلامية في مختلف القضايا التي تهم الرأي العام. ويبين جاسن ان آفاق هذا المجال في الإمارات رحبة وخصبة وسيكون في المستقبل بمستويات متفردة وقائدة عالمياً.
قفزة نوعية
وحول الآليات المطلوبة لتحقيق قفزة نوعية في مجال صناعة المحتوى العربي يؤكد الشاعر والإعلامي عمر عنّاز أنه بمغادرة الخطاب التقليدي المستهلك، واعتماد خطاب مُتَشرّب لروح الثقافة بتجلّياتها المختلفة، يمكن للإعلام الجديد أن يسهم في تحفيز الكثير من الفعاليات الثقافية، التي لا أذيع سرّاً حين أقول إنها تفتقر لمحتوى إعلامي يصدّرها للمتلقّي بالمستوى الذي نطمح إليه بوصفنا معنيين بالأمر، ولعل اعتماد استراتيجية جديدة لصناعة المحتوى الإعلامي- الذي نرى ضرورة الانحياز له لتحفيز الفعاليات الثقافية- أمر يوجب استثمار طاقات إعلامية هي ابنة المشهد الثقافي أصلاً، فالشاعر أو الروائي أو القاص «الإعلامي» هو العارف الأكبر بكيفية ضبط إيقاعات الخطاب الإعلامي، بما يجعله محبّباً ومعشوقاً من الآخر، من دون أن نغفل وجود بعض الكفاءات المجرّدة القادرة على صناعة الاختلاف.
المصدر: البيان