نفّذت مدينة صنعاء، التي سيطرت عليها المليشيات الحوثية الإيرانية بعد الانسحاب التكتيكي لقوات المؤتمر الشعبي العام، إضراباً غير معلن وتحولت غداة مقتل الرئيس السابق علي عبدالله صالح إلى مدينة أشباح وخلت الشوارع رغم الهدوء الحذر، الذي ساد أمس عقب أيام من الاشتباكات العنيفة بين الطرفين، بينما واصلت المليشيات تصرفاتها الهمجية منفذة مجزرة جديدة بحق أسرى من حزب المؤتمر إضافة إلى حراس مسجد الصالح، لم يعرف على وجه الدقة تعداد من أزهقت أرواحهم فيها، لكن وسائل إعلام محلية قالت إنهم عشرات، في غضون ذلك أكد يمنيون من داخل صنعاء استمرار الانتفاضة مشيرين إلى أن ما تظنه قوات الحوثي نصراً ما هو إلا هدوء تعقبه عاصفة ستقتلعهم من اليمن بالكامل.
وقالت الأمم المتحدة: إن صنعاء اتسمت بالهدوء أمس بعد قتال استمر خمسة أيام بلغ ذروته بقتل صالح، وأشارت إلى هبوط طائرات تابعة للأمم المتحدة والصليب الأحمر في مطار المدينة.
وقال جيمي مكغولدريك منسق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة في اليمن: إن المعارك توقفت في شوارع صنعاء بعد 25 ضربة جوية أثناء الليل.
وقال مكغولدريك: «بدأ الناس يخرجون الآن من منازلهم بعد خمسة أيام كانوا محبوسين خلالها كالسجناء».
وأضاف: «إنهم الآن ينشدون الأمان وينقلون أسرهم تحسباً لتوتر الأوضاع مرة أخرى، وفي الوقت نفسه ينشدون الرعاية الصحية ويحاولون تهدئة الأطفال الذين روعهم القصف وإطلاق النار الذي استمر بلا هوادة على مدى خمسة أيام». وذكر سكان محليون لوكالة الأنباء الألمانية أن الهدوء الحذر يعم صنعاء، وسط ترقب لما ستؤول إليه الأوضاع في العاصمة والبلاد بشكل عام. وأفاد السكان بأن «حالة من الخوف مازالت مهيمنة على المواطنين، في ظل توقف كبير لحركة المرور، مع استمرار توقف العملية التعليمية في الجامعات والمدارس».
وتقول هالة عبدالله: إن «الوضع في صنعاء يتسم بنوع من الهدوء، لكن القلق مازال مستمراً على وضع العاصمة واليمن بشكل عام». وتابعت هالة، وهي إحدى سكان صنعاء: «عشنا حالة كبيرة من الرعب خلال الأيام الأخيرة، بسبب اندلاع الاشتباكات». وحول مقتل صالح على أيدي الحوثيين أضافت: «حزنا كثيراً بسبب الطريقة التي قتل بها».
وفيما أكد عدد كبير من اليمنيين استمرار الانتفاضة وعدم انتهائها بمقتل صالح، أفاد سليم ناصر بأن الأوضاع في صنعاء مازالت مقلقة، مضيفاً: «كنت أعيش في حي حدة بالعاصمة صنعاء، وحين اندلعت الاشتباكات نزحت إلى حي الحصبة شمالاً، خشية أن تتعرض حياتي للخطر». وتوقع أن يستمر القلق الأمني في صنعاء، قائلاً: «نصحت بعض أصدقائي بمغادرة العاصمة مع عائلاتهم إلى أماكن أخرى.. ربما تكون هناك مواجهات قادمة ومتوسعة».
ترقب
وحول مقتل صالح أشار ناصر: «لم يكن متوقعاً أبداً أن يقتل بسرعة كبيرة وبهذه السهولة، لكن هذه هي المقادير»، حسب قوله. وأكدت سهى السالمي أن معظم اليمنيين يعيشون حتى اللحظة في صدمة كبيرة بعد مقتل صالح، «فهو كان أملهم للخروج من الأزمة التي تعصف بالبلاد خصوصاً بعد إعلانه الحرب ضد الحوثيين». وأضافت: «صنعاء مظلمة اليوم ومصيرها مجهول، الجميع يترقب بتوجس وخوف ما الذي سيحدث خلال الأيام المقبلة والكثير من الناس قرروا النزوح هرباً من الحرب التي يتوقعون حدوثها».
ونقل عدد من وكالات الأنباء عن سكان صنعاء أنهم يعيشون حالة من الحداد لمقتل صالح، مشبهين عدم خروج الناس من منازلهم بالإضراب غير المتفق عليه وأكد حسن فايز أن أهالي صنعاء أرادوا إرسال رسالة للحوثي وأعوانه بأننا لا نود أن نراكم في عاصمتنا وبالتالي لن نخرج من منازلنا. وبالتزامن، نشر الحوثيون مسلحيهم وقوات أمنية موالية لهم، في العديد من الأحياء، ونصبوا عشرات الحواجز ونقاط التفتيش في الشوارع العامة، وبحسب السكان فإن الحوثيين يخضعون السيارات والسائقين لعملية تفتيش دقيقة.
مجزرة جديدة
وقالت وسائل إعلام يمنية: إن ميليشيات الحوثي الإرهابية قتلت حراس مسجد الصالح في صنعاء وعدداً من أنصار صالح. ولفتت إلى أن عناصر الحوثي وبعد معارك عنيفة أسروا عشرات الحراس التابعين لصالح، واقتادوهم بعد ذلك لساحة المسجد وفتحوا النار عليهم، فأردوهم قتلى. ولم تذكر وسائل الإعلام عدد القتلى، ولكنها استخدمت مصطلح «مجزرة» في وصف ما حدث في ساحة مسجد الصالح.
كما أفادت مصادر محلية مطلعة بأن ميليشيات إيران قامت بإعدامات ميدانية لكل من قاتل إلى جانب الرئيس السابق، وساند الانتفاضة الشعبية في العاصمة. ووفق المصادر ذاتها، أعدم الحوثيون نحو 200 أسير من قوات حزب المؤتمر الشعبي العام، في مواقع عدة من صنعاء. وقالت مصادر: إن ميليشيات الحوثي الإيرانية، احتجزت أمس، اللواء مهدي مقولة، خال صالح ، وعلي حميد جليدان أحد كبار شيوخ قبائل حاشد الموالية لصالح، كما فرضت الإقامة الجبرية على القيادي في حزب المؤتمر صالح لبوزة. في غضون ذلك، كشفت مصادر يمنية أن ميليشيات الحوثي الإيرانية تعتزم إصدار قرارات بمصادرة أموال صالح وبعض القيادات في المؤتمر الشعبي العام، فضلاً عن إصدار أحكام قضائية من المحاكم الخاصة بها بحق قيادات المؤتمر المؤيدة للشرعية.
مسؤولية
إلى ذلك حمل رئيس الحكومة اليمنية د. أحمد عبيد بن دغر، الحوثيين المسؤولية عن حياة المعتقلين من أعضاء حزب المؤتمر الشعبي العام. وقال ، في تغريده على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، «نحمل المليشيات الحوثية المسؤولية عن حياة المعتقلين من أعضاء المؤتمر الشعبي العام، ونطالب جامعة الدول العربية ومجلس الأمن بالتدخل لوقف الاعتقالات والإفراج عن المعتقلين». كما طالب بن دغر المنظمات الدولية ومنظمات حقوق الإنسان بإدانة الاعتقالات وما يرافقها من إهانات وتعذيب يتعرض لها المعتقلون من أعضاء المؤتمر في سجون الحوثيين.
خرجت تظاهرات حاشدة ظهر أمس في منطقة مريس بمحافظة الضالع تندد بجرائم مليشيات الحوثي. وهتف المتظاهرون بصوت واحد: «لا حوثي بعد اليوم» وذلك بالتزامن مع مقتل مليشيات الحوثي للرئيس السابق علي عبدالله صالح.
وندد المتظاهرون بجرائم المليشيات التي ملأت اليمن وفي كل محافظة. وكانت مليشيات الحوثي ألقت القبض على صالح وقامت بقتله في منزله.
المصدر: البيان