محمد خميس
محمد خميس
محمد خميس روائي صدر له من أمريكا رواية لفئة المراهقين بعنوان "مملكة سكابا" ، وله باللغة العربية مسرحية أدبية بعنوان "موعد مع الشمس"

صنع في الصين

آراء

ثمة مؤامرة كبرى تحاك في العالم ضد المنتجات الصينية، فالدول الصناعية الكبرى وبعد ان أدركت ان الصناعات الصينية يصعب منافستها، وذلك لتوافرها ورخص أسعارها، رغم عدم كفائتها، تنحت جانباً، وأفسحت المجال للصناعات الصينية لتغرق الأسواق، ولا يعد ذلك استسلاماً منها بقدر ما هي مؤامرة كبرى مدروسة، غرضها كشف الصناعة الصينية الركيكة على حقيقتها.

هو تراجع تكتيكي، فهي متأكدة ان المستهلك مهما كانت درجة إهتمامه بالجودة، فإنه في الأخير سوف يتخلى عن كل ما صنع في الصين بعد اكتشافه بالتجربة بأنها صناعة واهية مزيفة ” تقليد في تقليد”.

المنتجات الصينية مع احترامي لها، لا يُعتمد عليها، فكرتها تقوم على البهرجة التى تجذب العيون، أو على تقليد صورة طبق الأصل للشكل الخارجي لمنتج موجود، بمواد رخيصة ركيكة، لا تصمد مع الزمن، هي كالطبل صوتها عالي لكن من دون أية محتوى.

وهاهم أولئك الذين، بهرجوا خطابهم الإنتخابي، بشعارات العدالة والحرية، وبشعارات الديمقراطية، وأعلنوا بأنهم سيقضون على الدكتاتورية للأبد، وانهم سيشركون الجميع في صنع القرار، وعلا صوتهم، فوصل للقاصي والداني، واغرقوا السياسة بشعاراتهم، فأعادوا تعريف فن الإنتخابات، وعلموا مخالفينهم درساً في استلاب عقول الشعوب، هاهم بدؤا يثبتون لنا بأنهم ما هم سوى منتج ركيك.

منتج لا جودة له، بل عاطل، لا ينفع حتى للإستعمال الواحد، تكتشف عند اقتنائك له انه يحتاج الى طاقة تشغيلية تكلف اكثر من نفعه، وان الأجزاء التى صنعت منه لا تنتمى له، بل ان بعضها يتبرأ منها، ويعلن انفصاله عنها، بسبب انها اكتشفت بأن الوظيفة التى بسببها استعانوا بها، غير موجودة بالأساس، حالها كحال ذلك المستشار الرئاسي لشئون التحول الديمقراطي، الذي قدم استقالته بعد مرور ثلاثة أشهر فقط على تعينه، بعدما اكتشف رغبة رئيسه في تحصين قرارته من الطعن القضائي عليها.

أولئك القوم، لم يروا إعجاز موسى، بقدر انهم ذهلوا واعجبوا بجبروت فرعون، فتمنوا أن يصبحوا مثله، ان يستفردوا، و يزرعوا سحرتهم في كل مكان، بيت بيت، زنقة زنقة، مؤسسة مؤسسة، لجنة لجنة، همهم الإنتشار، التواجد، السيطرة، والتفرد.

تبعثرت شعاراتهم، وتمزقت وعودهم في عدة أشهر، وجعلوا من استقرار البلد، والتخلص من خلافات القوى السياسية، قميص عثمان، وادعوا انهم في مرحلة تحتاج الى الحزم، مثلما أعلن من كان قبلهم ان قانون الطواريء هو لضبط الأمور، أو كما اتخذ اخر، الإرهاب ذريعة لتصفية الحسابات.

الكثرين راهنوا ببقائهم لفترة اطول، قبل ان يكتشف الناس ركاكة صناعتهم، بل هناك من اعتقد ان ظروف المنطقة، سوف تخدمهم وتخلق منهم ابطالاً، ولكنهم ولأنهم كالصناعة الصينية لم يتمكنوا ان يتماسكوا لفترة أطول.

السؤال الذي يطرح نفسه اليوم بعد كل هذا، هو: هل سيستطيع من انتخبهم واصبغ عليهم بالشرعية، انتزاع تلك الشرعية منهم؟ بعد وصولهم، واستنساخ أنفسهم في جميع مؤسسات الدولة، والسيطرة عليها، وبعد أن باتوا اليوم هم الوطن والمواطنين، الحكومة والشعب، القضاء والمتخاصمين، أم انهم رغم ركاكة صناعتهم، إلا انهم بقوة القبضة الحديدية للحزب الوطني الشعبي الصيني “الكومينتانغ” التى لم يستطيع احد كسرها للأن.

خاص لـ ( الهتلان بوست )