في إحدى حلقات البرنامج الذي يقدمه الإعلامي السعودي وصانع المحتوى المعروف أحمد الشقيري، خلال شهر رمضان المبارك، وكانت تتناول الأمن الغذائي وظاهرة هدر الطعام، استوقفني ما رصده في كوريا، حيث البنايات مزودة بأنظمة ذكية للحاويات المخصصة لبقايا الأكل، تقوم بوزن الكمية المتبقية ورصدها يومياً في حساب المنزل الذي تخلص منها، لتقوم إدارة البناية بتجميعها شهرياً، وبناء عليها تصدر بها فاتورة شهرية بالضريبة المستحقة عن الطعام المهدر، وكلما كان وزن كمية العام المتبقي خفيفاً كانت الضريبة خفيفة على صاحبها وبالعكس. تجربة تروي الصرامة والجدية الكبيرة التي أصبحت بعض المجتمعات تتعامل بها لضمان التزام الأفراد بخطط وبرامج الحد من هدر الطعام والتكاتف للإسهام في تحقيق الأمن الغذائي.
تلك كانت صورة لتجربة كورية متميزة تشير أيضاً لانشغال المجتمعات بهذه القضية التي تؤرق الجميع، وتمثل واحدة من أكبر التحديات التي تتطلب تضافر الجهود وتكثيف الوعي بها.
لقد كانت للإمارات مبادرات مبكرة في هذا الجانب الخاص بالحد من الإسراف ومختلف أشكال هدر الطعام، وكذلك إيلاء قضايا الأمن الغدائي اهتماماً مبكراً ضمن استراتيجية وطنية متكاملة. ونستحضر هنا دعوات قائد المسيرة المباركة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، قبل أكثر من ثلاث سنوات عندما دعا إلى ترشيد الاستهلاك وعدم الإسراف، وتعميم هذه الثقافة على الجميع. وأكد أن الأمن الغذائي منظومة متكاملة لا تتعلق بإنتاج الغذاء فقط، بل ثقافة التعامل معه وذلك عن طريق ترشيد الاستهلاك وعدم الإسراف. كما عبر سموه عن فخره بالمناسبة بشباب وشابات الوطن «الذين يعملون ويبادرون ويخططون وينجزون الأعمال من وراء الكواليس لتأمين جميع متطلبات الغذاء دون نقص».
كما نستذكر أيضاً المبادرة الوطنية «نعمة» للحد من فقد وهدر الغذاء تأكيداً على رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، لأهمية مواجهة فقد وهدر الغذاء، وتشكيل منظومة استراتيجية على مستوى الدولة للتشجيع على تبني السلوكيات الإيجابية والترشيد في استهلاك الغذاء، لاستدامة الموارد بما يتوافق مع القيم الوطنية لدولة الإمارات، واستناداً إلى أسس المسؤولية المجتمعية، وإدارة الموارد الوطنية بكفاءة.
وقد ظهرت المبادرة كثمرة لتعاون مشترك بين جهات عدة «لتنسيق جهود الحد من فقد وهدر الغذاء عبر سلسلة الإمداد الغذائية، وتحت مظلة واحدة ابتداءً من الإنتاج إلى الاستهلاك بما في ذلك الأفراد».
المصدر: الاتحاد