حين ضربت الأزمة المالية الأسواق العالمية في عام 2008، أشاع بعضهم أن بنوكاً عدة حول العالم ستعلن إفلاسها، وستذهب أموال المودعين أدراج الرياح.
بعدها روى مدير بنك عربي شهير هذه القصة قائلاً: «عجوز سبعيني ممن ورث تجارة كبيرة عن أهله، يحتفظ بأكثر من 20 مليوناً من عملة بلده في حسابه البنكي، جاء إلى البنك ومعه أكياس كبيرة الحجم من تلك التي يستخدمها لتخزين البقوليات والأعلاف في محله، وطلب كل أمواله عداً ونقداً».
أحدث الرجل وقتها ضجة كبيرة في البنك الشهير، حتى سحب بالفعل أمواله، وحملها هو ومساعدوه، وغادروا، فيما بقيت قصته حادثة شهيرة في القطاع المصرفي لسنوات في تلك الدولة.
أتذكر هذه الحكاية كلما كتبت عن الودائع في بنوك الإمارات، التي تسجل، بحسب آخر إحصاءات المصرف المركزي، 2.8 تريليون درهم، منها أكثر من تريليون درهم ودائع تحت الطلب، أي يمكن سحبها في أي وقت ومن دون إشعار مسبق أو إبلاغ البنك قبلها، كما أن نسبة 80% من إجمالي الودائع المصرفية تخص الأفراد المقيمين والشركات على أرض دولة الإمارات، و20% المتبقية لغير المقيمين.
منذ عام 2008 حتى الآن، عصفت رياح الأزمات بكثير من البنوك في العالم، وصمدت بنوك الإمارات بكفاءاتها وكوادرها، وواكبت التطور بالاندماج، وخلق كيانات ضخمة تعد الأكبر عربياً وخليجياً، وتحظى بتصنيف ائتماني من الأفضل عالمياً. ويقف المصرف المركزي بكل ثقله وتشريعاته الحاسمة ورقابته القوية ودعمه الكامل خلفها، فضلاً عن الضمان الحكومي لكامل القطاع المصرفي.
الثقة الكبيرة ببنوك الإمارات، والأمان الكامل في التعامل معها، وراء النصيحة التي دائماً ما يتداولها التجار والأفراد: «ضع أموالك هنا».
وليس سراً أن النسبة الكبرى من سكان الدولة، مواطنين أو مقيمين، تفضل الاحتفاظ بفوائضها المالية في بنوك الدولة، لما تحظى به من سمعة ممتازة، وخدمات في متناول اليد على مدار الساعة.
يبقى أن يدرك متعاملو البنوك أن هناك فرقاً كبيراً بين الودائع الثابتة التي يتم الاحتفاظ بها في البنوك نظير ربح أو فائدة محددة متفق عليها مع ضمان أصل المبلغ، وبين الودائع الاستثمارية التي يتم استثمارها في أسواق المال، أو السلع والمعادن أو غيرها من قنوات الاستثمار التي تقوم على المشاركة في الربح والخسارة.
كل ما على المتعامل هو أن يسأل عن التفاصيل، ويقرأ العقود، ويستفسر متى احتاج الأمر إلى توضيح، وألّا يكتفي بما يسمعه دون تأكيد، وبعدها يختار.
المصدر: الإمارات اليوم