تواصلت، أمس الجمعة، ردود الفعل الدولية المنددة بمجزرة شارع الرشيد في غزة، والتي أوقعت مئات الضحايا بنيران الجيش الإسرائيلي، خلال عملية توزيع مساعدات إنسانية، إضافة إلى موجة تنديد واسعة من دول غربية وعربية كررت الدعوة إلى وقف فوري لإطلاق النار، وطالب بعضها بتحقيق، فيما منعت الولايات المتحدة مجلس الأمن الدولي من إصدار بيان يندد بالمجزرة الإسرائيلية التي راح ضحيتها 115 فلسطينياً، وإصابة 760 آخرين، في حين ادعى مسؤولون أمريكيون أن عرقلة رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو لصفقة تبادل أسرى ستقود لصدام مع الرئيس جو بايدن.
وأبدى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش «صدمته» بعد التقارير الواردة عن مقتل الفلسطينيين أثناء انتظاهرهم للحصول على مساعدات، مندداً بواقعة «مروعة». وأكد الناطق باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر أن الولايات المتحدة تطالب ب«أجوبة» من إسرائيل في شأن الحادثة. وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون در لايين عبر منصة «إكس»، «يجب بذل كل الجهود من أجل التحقيق في ما حصل بشفافية كاملة. المساعدة الإنسانية طوق نجاة للذين يحتاجون إليها، ويجب ضمان وصولها اليهم».
ورأى وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس أن «ما حدث في غزة غير مقبول… مقتل عشرات المدنيين الفلسطينيين خلال انتظارهم الحصول على مساعدات غذائية»، مؤكداً أن هذه الحادثة «تؤكد ضرورة التوصل إلى وقف لإطلاق النار».
وأعرب الرئيس إيمانويل ماكرون عن «سخط عميق إزاء هذه الأحداث» ضد المدنيين «الذين استهدفهم جنود إسرائيليون»، مطالباً ب«الحقيقة والعدالة واحترام القانون الدولي». ودعت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك في بيان إسرائيل إلى «إجراء تحقيق كامل في الطريقة التي حصل فيها الذعر وإطلاق النار»، مجددة الدعوة عبر منصة «إكس» إلى «هدنة». وقالت الناطقة باسم الخارجية الصينية ماو نينغ «تشعر الصين بالصدمة حيال هذه الحادثة وتدينها بشدة.. ودعت الأطراف المعنية إلى وقف إطلاق النار». واعتبرت الحكومة البرازيلية أن مقتل عشرات الفلسطينيين في هذه الجريمة يظهر أن الحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة ليس لها «حدود أخلاقية أو قانونية»، مجددة دعوتها إلى وقف فوري لإطلاق النار.
ودانت المملكة العربية السعودية والأردن والعراق وسوريا ولبنان وقطر والكويت وليبيا «المجزرة التي ارتكبتها القوات الإسرائيلية بحق مواطنين كانوا ينتظرون وصول شحنات المساعدات عند دوار النابلسي قرب شارع الرشيد بمدينة غزة». وأعرب الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط عن «استهجانه الشديد لاستمرار القوات الإسرائيلية في استهداف المدنيين على نحو يمثل جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية، بعد حرب التجويع (…)، وكأنها تحاصر الفلسطينيين بالجوع والرصاص».
وكان السفير الفلسطيني في الأمم المتحدة رياض منصور طالب خلال اجتماع طارئ عقده مجلس الأمن الدولي مساء الخميس بإصدار قرار يدعو لوقف إطلاق النار بعد هذه المجزرة. وطرحت الجزائر على طاولة مجلس الأمن الدولي مشروع بيان رئاسي يعبر فيه أعضاء مجلس الأمن ال15 عن «قلقهم العميق» إزاء ما جرى. وبحسب النص فإن مشروع البيان يلقي بالمسؤولية على ما جرى إلى «القوات الإسرائيلية التي أطلقت النار». لكن النص لم يمر لأن إقرار البيانات الرئاسية لا يتم إلا بالإجماع. وقال منصور بعد الاجتماع إن «14 عضواً أيدوا هذا النص».
إلى ذلك، ادعى مسؤولون أمريكيون أن الولايات المتحدة مستمرة بالضغط «بكل قوة» من أجل التوصل إلى صفقة تبادل أسرى وهدنة في قطاع غزة، وقالوا إنه «إذا تأكد لنا أن نتنياهو يعرقل ذلك لأسباب سياسية داخلية، فإن هذا الأمر سيقود إلى صدام مباشر مع البيت الأبيض»، حسبما نقلت عنهم صحيفة «يديعوت أحرونوت»، فيما أعرب نتنياهو عن تشاؤمه من إمكانية التوصل إلى اتفاق لوقف القتال في غزة وإطلاق سراح الرهائن، متهماً «حماس» بالعرقلة بدلاً من بذل الجهود للتسوية. (وكالات) الخليج