طائرة بلا طيار.. تصميم إماراتي

منوعات

كليات التقنية العليا في الشارقة لا تعتبر مجرد مؤسسة تعليمية تقدم لطلبتها “ذكوراً وإناثاً” الدروس النظرية فحسب، ولكنها فضاء للتجارب الخلاقة والإنجازات الطلابية التي تأتي خارج الأقسام، حيث استطاعت الكليات تبني مشاريع وبرامج في مختلف التخصصات، يقضي بها الطالب وقت فراغه، رغم الزمن المكتظ بالواجبات والمتطلبات. وتشكل المشاريع ترجمة عملية لمبدأ “التعلم بالممارسة” الذي تتبناه كليات التقنية العليا على مستوى كل البرامج والتخصصات، وذلك عن طريق إتاحة الفرصة للطلاب والطالبات للاستفادة من المهارات والخبرات التي اكتسبوها دراستهم وتطبيقها بشكل عملي على أرض الواقع، الأمر الذي يمكنهم من الدخول إلى سوق العمل بثقة واقتدار ويساعدهم على تحقيق النجاح على الصعيدين الشخصي والمهني. وتعد مسابقة الإبداع للطائرات من دون طيار التي تطلقها كليات التقنية العليا على مستوى الكليات في الدولة بشكل سنوي مجالاً خصباً يتنافس فيه الطلبة على إظهار إبداعاتهم التي يدعمها نمط التعليم المتميز المعتمد في الكليات، حيث توج في ختامها فريق من طلبة برنامج تكنولوجيا الهندسة بكلية التقنية العليا للطلاب في الشارقة بالمركز الأول لحصولهم على جائزة التصميم الأكثر إبداعاً لطائرة من دون طيار.

شغف الهندسة

فريق العمل الفائز مؤلف من مجموعة من الطلبة الإماراتيين الذين جمعهم شغفهم في برنامج الهندسة ورغبتهم في إثبات اسم الكلية التي ينتمون إليها من خلال تسجيل تفوقهم على أقرانهم على مستوى الدولة، الطلاب الذين انجزوا تصميم الطائرة هم عبدالله عارف آل علي، وسلطان سعود المعلا، وعلي عبيد الشامسي، ووليد محمد عبد النور، وعبدالله محمد الزرعوني، وعبدالرحمن عبدالله علي، وعبدالله راشد آل علي، وسلطان سالم آل علي، وجميعهم من برنامج تكنولوجيا الهندسة بكلية التقنية العليا للطلاب في الشارقة. يقول الطلبة الفائزون “أنجزنا 3 تصميمات الأول كان خشبياً أما التصميمان الآخران فكانا من مادة “الفوم” التي تمتاز بصلابتها، وقد بذلنا في مرحلة الإعداد والتصميم الأولية مجهوداً كبيراً إذ أن التغيير والتعديل على شكل الطائرة وآلية تركيب المحرك وتجربتها كانت مسألة صعبة علاوة على أن التفكير كان منصباً على تصميم طائرة تعمل دون أن تتعطل يوم المسابقة وان تكون أيضاً ذات شكل مختلف بحيث تنال إعجاب لجنة التحكيم. وذكر الطالب المشارك وليد محمد عبد النور الذي يملك موهبة بالرسم وهو من تولى تصميم شكل الطائرة: استخدمنا خشب البامبو لأنه يمتاز بصلابته وخفته في الوقت ذاته، ويتحمل ماكينة التشغيل التي تم تركيبها على هيكل الطائرة فيما بعد، وذكر أن العمل ما كان له أن يكتمل دون إشراف وتوجيه من عضو هيئة التدريس الدكتور نجيب خان الذي كان يتابع مراحل الإنجاز ويعطي نصائحه لنا ليكون العمل منجزاً بصورة لائقة، أما سلطان سعود المعلا فيشعر بالفخر لأنه شارك في مختلف مراحل العمل بدءاً من تصميم الشكل الخارجي للطائرة وتفاصيل العمل التقنية حتى العمل اليدوي لحفر وقص القطع وانتهاءً بالتركيب، مشيراً إلى أن تطبيق الجوانب النظرية في التخصص إلى واقع عملي أمر في غاية الأهمية والروعة. وقال علي عبيد الشامسي: شاركت في وضع لمسات على التصميم وكنت من مشجعي استخدام الخشب، وقد كان ذلك أحد أسباب فوزنا بأجمل تصميم فقد اعتاد المحكمون على تصاميم من مواد صلبة وجئنا نحن بالخشب، فكان جماله أن جمع بين متانة الصنع وقدرته على التحليق لمسافة مع التحكم به دون أي خطأ، لافتاً إلى أن العمل الجماعي دائماً ما يكون متميزاً إذا شارك كل فرد بأفكاره ما يجعل المشروع المنجز متكامل العناصر.

التطبيق العملي

وعن طبيعة الدور الذي قام به قال سلطان سالم آل علي وهو طالب على أعتاب التخرج من برنامج الهندسة: كانت مهمتي القياسات الخاصة بمجسم الطائرة، وهي مسألة دقيقة حتى لا يكون هناك ضغط على طرف دون آخر بحيث تطير الطائرة بشكل متوازن، وقال المشاركة في مثل هذه المسابقات تعطينا فرصة تطبيق ما درسناه على الورق عملياً، وكذلك تعطينا مزيداً من الثقة بقدراتنا وإمكاناتنا، وأعتقد أن كلية التقنية العليا تشجع دوماً إلى تأكيد مبدأ التعلم بالممارسة، وتشجيع البحث العلمي ومساندة الباحثين الشباب، ليقوموا لاحقاً من خلال الإبداع في مجالات عملهم برفع راية الوطن خفاقة في جل المحافل العلمية العالمية”. ويتحدث عبدالله راشد آل علي سنة رابعة بثقة مشوبة بتوتر ناتج عن اقتراب موعد تخرجه ليتنقل إلى سوق العمل الرحب مختبراً جهوداً دامت لأشهر بأيامها ولياليها بأن دوره في مسابقة تصميم طائرة بلا طيار هو التنسيق بين فريق العمل والدكتور المشرف على المسابقة، كما شارك أيضاً في تصميم الهيكل الخارجي، بشكل حرف أي بالإنجليزية بحيث يعطي ذلك قوة للطائرة. عبدالله عارف آل علي كان مشاركاً في أحداث تغييرات على التصميم ويقوم باختبارها بعد الإنجاز، وقد ذكر أن الاهتمام بالطلبة وتشجيعهم على الإبداع من الأسباب الرئيسية التي تساهم في تقدم الأمم على جميع الأصعدة ومن وجهة نظره يرى أن نظام التعلم بالممارسة يجب أن يطبق في جميع المؤسسات التعليمية المدرسية والتعليم العالي.

روح الفريق الواحد

ويعتبر عبدالرحمن عبدالله المشاركة زيادة في خبرة الطلبة العملية وولوجهم مجالاً مختلفاً، فتصميم الطائرة جديد عليهم والآن هم يعرفون عملياً الآلية التي تعمل بها الطائرات الصغيرة والكبيرة، وقال: لدينا قدرة على تصميم مجسم لطائرة دون أي أخطاء، مضيفاً ان العمل بروح الفريق يقوي علاقات الطلبة بعضهم بعضاً ويثري خبراتهم لأنها تصبح متنوعة. ويرى فريق الطلبة الفائز أنه من الحكمة أن يكون المناخ العام للتعليم موجهاً توجيهاً علمياً يراعي حاجة الدولة المستقبلية لأجيال قادرة على الاختراع والابتكار والتطوير، فمن المعروف، كما يقولون، أن معظم الاختراعات الحديثة ليست إلا مشاريع دراسية رعتها مؤسسات تعليمية ونمتها لدى الطلبة.

خبرات عملية

شارك عبدالله محمد الزرعوني في المسابقة العام الماضي ما أفاد فريق العمل من الاستفادة بخبرته، من خلال حرصه على تأمين متطلبات المسابقة، كذلك إحداثه لبعض التغييرات على هيكل الطائرة الخارجي، وذكر أن اختيار الفريق يتم بناءً على رغبة من الطلبة وترشيح من الهيئة التدريسية، وهي مسابقة يخوض غمارها الطلبة المهتمون بإبراز قدراتهم في مجال التصميم الهندسي.

المصدر: صحيفة البيان