كاتبة واخصائيه اجتماعية
نشطت في السنوات الأخيرة حركات ونشاطات تطوعية لشباب في مجالات عدة، تبشّر بجيل واعٍ وطموح ومليء بالنشاط والحركة، والأهم إحياء «حس المسؤولية»، كانت اجتهادات شخصية غالبيتها.
لذا سعدت كثيراً عندما قرأت خبراً في في إحدى الصحف بعنوان «إقامة فعاليات منتدى الرياض التطوعي الأول» برعاية وزير التعليم الدكتور أحمد العيسى، من خلال تصريح المدير العام للتعليم في منطقة الرياض المشرف العام على المنتدى محمد المرشد، بأن الهدف منه النهوض بالأعمال والمهارات التطوعية، وتبادل الأفكار والرؤى الشبابية في مفهوم التطوع.
سعدت بأن تكون هذه الجهود منظمة وذات فعالية أكثر ليستفيد منها شباب الوطن بأعداد أكثر، وأن تسهم في نشر ثقافة التطوع في جيل أبنائنا لتكون في ما بعد من المسلّمات الطبيعية والضرورية في المجتمع.
مفهوم التطوع هو إسهام ومشاركة يقوم بها أفراد متطوعون في عمليات التطوع، سواء أكانت تبادل أفكار ورؤى أم القيام بأعمال تطوعية من تقديم المساعدات والخدمات في مجالات عدة في المجتمع من دون مقابل، أي من دون أجر على ذلك.
الشباب يمتلكون طاقة عالية وذهنية متدفقة بالنشاط والحركة والقوة والقدرة، إن استطعنا الاستفادة منها، فستكون بذوراً للمستقبل، أهمها الشعور بالمسؤولية والإحساس الإنساني العميق في مساعدة الآخر برغبة وحب من دون إجبار، كل ذلك يجعل هؤلاء الشباب قادة مبدعين وعمليين، مما يساعد في نهوض المجتمع.
نحن هنا نحرّك ذلك المخزون بطريقة ذكية جداً، وهادفة جداً للكل، للشباب وللمجتمع، بل جعلنا هناك جسر التواصل العميق المحب والمساند والمساعد بينهما، يغطي تلك الفجوة المادية التي تعتبر سمة من سمات العصر.
ولا يغيب على الأذهان أن هذه الأعمال التطوعية هي خدمات ومهارات ومعلومات تحرك عقول شبابنا قبل أجسادهم، ولها فوائد عدة:
أولاً: أنها تجعلهم يستبصرون قيمة الفرد في الحياة التي لا تأتي ألا بحب الآخر ومساعدته ومساندته.
ثانياً: هذه الأعمال التطوعية تسهم في نشأة روح المسؤولية الجمعية مع جميع أفراد المجتمع، مما يزيد حس الانتماء إلى الوطن أكثر.
ثالثاً: تعلمهم مبدأ العطاء وليس فقط الأخذ، تعلمهم أن يبذلوا أقصى ما عندهم للمساعدة.
رابعاً: تفريغ تلك الشحنات الزائدة لدى شبابنا بإيجابية وفاعلية، والاستفادة منها في الوقت نفسه.
خامساً: نحن نصنع قادة فعلاً من خلال إعطائهم فرصة للتعبير عن آرائهم بصراحة ماذا يرون وماذا يشاهدون في الأعمال التطوعية، مما يزيدهم حماسة، والحماسة تؤدي إلى زيادة الثقة بالنفس، فمن يستطيع بعد ذلك اختراقهم؟
سادساً: هناك فئات في المجتمع تحتاج إلى هذه الطاقة الجبارة في مساندتهم بشكل منظم ومدروس، مثل جمعيات كبار السن، الأسر الفقيرة، جمعيات الأطفال للسرطان. عندما ينخرط شبابنا هنا مع هذه الفئات ويقدم المساندة والمشاركة المعنوية والحسية والعملية، فإنها تخدم الطرفين في آن واحد، وتخدم شبابنا في أن يشاهدوا الجانب الآخر من حياة مَنْ يحتاجون فعلاً للمساعدة المعنوية والمادية والترفيهية، هذا ما يساعدهم في النضج المعرفي والتعرف على المبادئ الأساسية في الحياة وهي «روح الوحدة والشعور الواحد». وهذا لا يأتي بتلقين، بل من خلال هذه التجربة. كما أن دور الجامعات والمدارس والمؤسسات الثقافية مهم جداً للاستفادة من طاقة الشباب الإبداعية، سواء أكانت المشاركة في التنظيم أم التقديم أم الخوض فعلياً في مجالاتها باحترافية تسهم في التقدم العملي والعلمي لكل منهما، فهناك أفكار خلابة ومبدعة تكون حاضرة في هذه السن الجميلة، سواء أكانت ورش عمل يقوم بها طلاب بأنفسهم بعد تدريبهم أم يقومون بها لزملائهم، ومن خلال ذلك نجعلهم يخوضون التجربة الحسية الفعلية، لذا سيقدمون أجمل ما لديهم.
مفهوم التطوع واسع جداً ومتنوع جداً في أغلبية المجالات، تحتاج الثقة بشبابنا اكثر وإعطاءهم مساحة من التعبير والحرية والحركة المنظمة.
المصدر: الحياة