مؤسسة ومدير ة دار ورق للنشر في دبي وكاتبة عمود صحفي يومي بجريدة البيان
لنعترف أولاً بأننا أتحنا للتطرف أن ينمو بيننا لفترة طويلة، وأن يسرح أصحابه ويمرحوا باسم الدين وتحت لافتة المحافظة على العقيدة والدفاع عن الإسلام وهداية الصغار والشباب والأخذ بيدهم إلى الطريق القويم، هكذا طرحت مؤسسات التطرف نفسها للناس في العديد من مجتمعاتنا العربية، وهذا تحديداً ما جعل الناس – معظم الناس – يثقون بها ويدعمونها.
ويدفعون بأبنائهم وبناتهم إليها باعتبارها محاضن نظيفة ومأمونة ومؤتمنة. ففي تلك السنوات التي تعاظم فيها دور هذه المؤسسات، وهي سنوات الثمانينيات تقريباً، وقع بعض الشباب تحت تأثير المخدرات، كما سافر عدد منهم لدول شرق آسيا المعروفة بـ«سياحة الجنس»، وقد أنتج ذلك أمرين:
أولاً: جعل الناس ترى في تلك المؤسسات منقذاً للشباب وصوناً لهم، ومن ناحية أخرى شكّل اعترافاً ببروز ما يسمى بفشل الأسرة في دورها التربوي، وبالتالي البحث عن بديل موازٍ ومأمون، للأسف فان هذا الفشل لم يعالج أو يتراجع بل استمر وازداد إلى أن وصل اليوم إلى أن معظم الأسر ما عادت قادرة على ضبط وتوجيه آليات التربية بالشكل المطلوب!
لكن هل أنقذت تلك المؤسسات الدينية الشباب من الانحراف فعلاً؟ بالعودة إلى سجلات أقسام الشرطة وذاكرة الأسر فضحايا المخدرات والجرعات الزائدة كانوا يموتون بشكل شبه يومي تقريباً في تلك الفترة، ولم نعرف من كان يقف وراء تلك الظاهرة! وانتهى بعض الشباب كأعضاء في جماعات الدعوة والجهاد في أفغانستان، فأفرز ذلك ظواهر ومشاكل أخطر مما نتخيل، الشباب الذين هجروا أهلهم وزوجاتهم دون عائل ودون مصدر للرزق؟
نحتاج لمراجعة ذلك كله ونحن نشاهد هذه الأعمال الدرامية التي تعرضها بعض التلفزيونات، والتي تتناول موضوع الجماعات الإرهابية وانعكاساتها على المجتمعات العربية، فعلى الرغم من أهمية مثل هذه الأعمال في التوعية، فإن قضية الجماعات الإرهابية وانجراف الشباب نحوها، يحتاج إلى نظرة أكثر عمقا وتحليلا، مع الاستعانة بمفكري ومرجعيات هذه الظاهرة، ومراكز الأبحاث الكثيرة التي ترصدها.
وهي ظاهرة في تشعباتها الاجتماعية لها حكاياتها الكثيرة التي يفترض بكتاب الدراما أن يرصدوها ويبحثوا فيها وسيجدون منجماً من القصص لأعمال نوعية.
المصدر: البيان