عابثون ومتلاعبون

آراء

هم يوقدون النار، ويتركونها مشتعلة، ثم يصرخون ناشرين الرعب في العالم.

يغذون الوهم الذي يرهبون به الناس، يتحدثون عن ضربات وخطط وصواريخ ومسيرات، بايدن يعلن يوماً، وترامب يعلن يوماً، وبلينكن يقيس دائرة العنف في المنطقة، ويدعو إلى ضبط النفس.

ويرسلون قطعاً بحرية مدمرة إلى منطقة الصراع، وفوقها قنابل تزن الواحدة نصف طن، هدية لإسرائيل، حتى تصب مزيداً من الزيت على النار، وكأن كل ما حدث وما استلمت لم يكفها!

وتنهار الأسواق المالية، عندهم وعند الجميع، بأوامر توقعات بيوت الخبرة، وتتهاوى أسعار السلع، ويخرج «أثرياء الحروب» من جحورهم، ويجمعون الأسهم الرخيصة، ويشترون السندات، ويستحوذون على الشركات.

لم يسأل المجرم عن جريمته، بل لم يلمه أحد من الذين يدّعون بأنهم كبار العالم، وفي الحقيقة، هم العابثون بالعالم، من يسمحون لوكلائهم بارتكاب الجرائم، فلا يعاتبونهم، ولا يدينونهم، لأنهم يريدون أن يجمعوا مئات المليارات التي تساقطت خلال الأيام الفائتة من انهيارات الأسعار في أسواق العالم، ولم يجرؤ أحد منهم بالسؤال عن المجرم!

يدّعون أن ضربة انتقامية آتية في الطريق، ويضعون لها ألف تصور، كل مسؤول منهم عنده رواية، وكل وسيلة إعلام غربية تختلق حكاية، وكأننا نعيش في «ألف ليلة وليلة»، وفي النهاية، سنسمع عن عشرات المسيرات «تسبح في السماء»، وخلفها صواريخ لا تصل إلى مكان، وترفع علامات النصر من اللاعبين في الطرفين المتنازعين، عبر البيانات والتصريحات والتهديدات، وتنتهي القصة.

إنهم يتلاعبون بالعالم، ولا يريدون لهذه النار أن تنطفئ، فالمصالح والأطماع عندهم أهم وأقوى من السلام، حتى ولو كان الموت والدمار ثمنها، فما داموا هم في مأمن، فلتأكل النار الآخرين، ويتناسون أن النار تسري، وستطال من يعبث بها!

المصدر: البيان