هل هي مزحة بريئة ألقاها لطفي العبدلي في حفل اختتام «أيام قرطاج السينمائية» في دورتها الـ27، أم «لعبة استعراضية» يجيدها الراقص والممثل التونسي، مستعيناً بـ«خفة دم فطرية»، سخّرها الفنان أخيراً لتكريس «شعبويته» من خلال محاولات تحريك مياه الوضع الراكد في تونس تارة، واستنهاض همم الصحافة الصفراء تارة أخرى، إلى أن بات اسمه مرادفاً لقصص اللغو والشغب التي ما انفك يثيرها نجمه البازغ، سواء على منصات الإعلام المرئي أو وسائل التواصل الاجتماعي في تونس!
عبارة الممثل التونسي لطفي العبدلي، التي كررها مرتين أمام الجماهير المدعوة وعدسات التلفزيونات العربية، وخاطب بها الفنان الضيف عادل إمام «إذا كانت مصر أم السينما فتونس أبوها، وإذا كانت مصر أم الدنيا فتونس أبوها»، قد تقترب في ظاهرها من المشاكسات الظريفة، وحس الفكاهة الخفيفة التي قصد بها العبدلي اجتذاب الإعلام، وإشعال الأجواء الحماسية للحضور، لكن باطنها لا يخلو في المقابل من حس «كوميدي» تنقصه اللباقة التي يتطلبها ظرفا الزمان والمكان، زد على ذلك طقس «البهلوانية» الذي خلقه تدخل الفنان وحريته المتمادية على خشبة المسرح، اللذين لامسا حدود السخرية المجانية المنافية لقواعد «الإيتيكيت» العامة، واللياقة الخاصة بمثل هذه المناسبات الرسمية.
العبدلي نفى في بادئ الأمر تقصّده التقليل من احترام النجم الشهير عادل إمام، إلا أنه صرّح في موقع آخر بأنه استغل فرصة وجوده على الخشبة خلال تسليم الجائزة، ليرد على النجم المصري الضيف، الذي «أطنب» برأيه في وصف مآثر السينما المصرية وأصحابها «دون أن يكلف نفسه عناء الثناء على إدارة مهرجان قرطاج، التي كرمته واستقبلته استقبال الأمراء»، فحاول بدوره التغاضي عن الحرج الذي أحدثه الموقف غير المتوقع بابتسامة متكلفة أبقته بامتعاض في مقعده، على عكس السفير المصري الذي غادر القاعة في خطوة احتجاجية واضحة، زاد من حدتها ما تلاها من سجال افتراضي ومشادات لفظية وتقاذف للشتائم على شبكات التواصل الاجتماعي، لمطالبة الفنان التونسي بالاعتذار عن تصريحاته.
في المقابل، يواصل لطفي العبدلي تعنته وإصراره على أقواله، كاشفاً هذه المرة عن ما سماه «حسه الوطني» العالي الذي كان سبباً وراء غيرته المستميتة على حرمة «البلاد والعباد»، ومصرحاً بنيته «الدفاع عن تونس مثلما دافع عادل إمام عن مصر»، وكأن الحكاية تعدت المناسبة التي يعتبرها البعض عرساً ثقافياً يجمع رواد الفن ومبدعيه على منصة ثقافية واحدة يكتمل بها المشهد الثقافي العام، إلى مناسبة لاستعراض العضلات والاعتداد بالإنجازات الثقافية والكنوز الفنية لهذا البلد أو ذاك.
وإذا كانت «خفة دم» العبدلي و«ارتجاله الحماسي» في الدفاع عن تونس لم ينصفاه هذه المرة، ولم يزيدا إلا من استهجان الجمهور المصري، فهذا لا يعفيه قط من تهمة الاستخفاف بالضيافة التونسية واللياقة العامة التي فرضتها المناسبة، بل حتى بالحراك السينمائي والفني في مصر.
المصدر: الإمارات اليوم