كاتب سعودي
تعيش المملكة هذه الأيام كعادتها من كل عام أياما روحانية تتعطر بأزكى رفادة وحسن وفادة وأكرم خدمة على مستوى العالم يمكن أن تقدم لضيوف وافدين.
أجل، فنحن أهل هذه البلاد نخدم حجاج بيت الله العتيق ونحن نستشعر في دواخلنا الامتنان والغبطة لهؤلاء الحجاج ونشعر ـ يقينا ـ أنهم أصحابالفضل إذ وفدوا ولهم الحق علينا في الرفد.
وهذا الشعور ينسحب على كل السعوديين في كل جغرافية المملكة، فحسن الاستقبال يمتد من الثغور البرية والبحرية والجوية التي يتقاطر معها الحجاج من شمال المملكة أو جنوبها أو شرقها مرورا بوسطها ومن غربها، وهم في كل مراحل عبورهم يتلقون العون والترحيب والغبطة.
ويرقى الاهتمام من المواطن إلى القيادة والحكومة التي تستنفر جهودها وتسخرها خلال الأشهر الثلاثة التي تسبق مناسك الحج وتمتد إلى فترة عقب انقضاء الشعيرة، ويتأكد هذا الاهتمام من خلال المشاريع العملاقة في الحرمين الشريفين، والتي لم تتوقف خلال العهود والعقود الماضية بين إنشاء وتوسعة وتيسير وإضافة وتجديد في أسباب الراحة وسبل أداء المناسك، ليستمر التطوير وتستمر الأبحاث وصولا إلى استيعاب هذه الحشود المتزايدة، وتهيئة المكان في أبرك زمان، كي يتوفر الخشوع والسكينة عند أداء المناسك.
لقد جاءت حادثة وقوع الرافعة وما نتج عنها من وفيات وإصابات لتكون امتحانا لقيادة هذه البلاد وأهلها، ولتؤكد مثل كل مرة وقبل كل عام ومثل كل حادثة عابرة عارضة أو متعمدة، أن المملكة لا تسمح بتنغيص وانتهاك شرف خدمة الحرمين الشريفين وضيوفهما، ومن هنا جاءت قرارات الملك سلمان على خلفية حادثة وقوع الرافعة قوية وحازمة، ولتؤكد مجددا ملازمة الحزم لقرارات ملك العزم، ولهذا كانت نتائج التحقيق السريع في أسباب الحادثة سببا يلملم جراح ذوي الشهداء والمصابين ويجبر كسرهم، من خلال حزمة القرارات التي أقرت مجموعة من التعويضات، ورتبت عددا من العقوبات الصارمة على مجموعة بن لادن التي تم إيقاف تصنيفها، وترك بقية النتائج معلقة إلى حين إعلانها من هيئة التحقيق والادعاء العام.
هكذا نحن السعوديين في كل مواسمنا وفي كل جهاتنا ومع كل إخواننا نقوم بما أوجبه الله علينا من حق الأخوة والجوار، ونحمد الله على ذلك.
ألا ترانا نستقبل اللاجئين بمئات الألوف من سورية واليمن ونحسن إقامتهم ولا نسكنهم الخيام والملاجئ، ثم لا نمن بذلك ولا نزايد فيه، لأننا نعدّ ذلك واجبا في نفس الوقت الذي يتدافع أبناؤنا جنوبا لإعادة الحق إلى نصابه، وتسهر أعيننا في الشمال تحرس الوطن من شر كل مارق.
وكل هذا لا يحول بيننا وبين استمرار عطائنا الموسمي الذي نستقبل فيه بالملايين ضيوف الرحمن من كل فج عميق.
لكن ذلك كله لم يحل دون استمرار حياتنا الطبيعية، ولم يوقف ورشتنا التنموية التي تتسارع في كل مدينة وقرية، وهذا كله يقتضي الشكر والحمد لله لكي تزداد.. فالحمد لله رب العالمين.
المصدر: صحيفة الوطن السعودية