حُزن عرعر على الشاب عافت الرويلي هو حزن وطن بأكمله. الأخبار كلها ترجح انتحار عافت بعد أن ضاقت به السبل وهو يبحث عن وظيفة تُؤمن له ولأسرته أبسط مقومات الحياة الكريمة.
حزنت للخبر. وتألمت أن نكون في مصاف الدول الغنية ولدينا شاب في مقتبل العمر يقدم على الانتحار لأنه لم يجد وظيفة بعد سنوات من الانتظار. ميزانية بالميارات، ومشروعات بالميارات، وشباب تطوي أعمارَهم السنون انتظاراً لفرصة -هي في الأصل حقهم- يعدونها فرصة العمر: الوظيفة.
انتحار عافت جرس إنذار للمجتمع كله. فكم في بلادنا من عافت -لا نعرف عنه شيئاً- مازال يقاوم رغبة الخلاص من هذا الانتظار القاتل لهذا الحلم الذي يبدو بعيد المنال! لم تعد الحلول الوقتية تُجدي مع مشكلة تتفاقم أبعادها السيئة كل يوم وربما كل ساعة.
«قنبلة» البطالة تحتاج لمشروع وطني عملاق يؤسس لاقتصاد حقيقي وجاد، ويضمن حلولاً جذرية وواقعية لمشكلات البطالة والبيروقراطية، وكل الأسباب التي تعيق استثمار الميزانيات الضخمة لبناء اقتصاد يستفيد منه شباب الوطن أولاً. الفساد -في أي بلد- هو رأس الفتنة. وللفساد ألف وجه وألف شكل وألف لون.
تصميم وإدارة برامج الميزانية من اختصاص المؤهلين، وليست «مناصب» تعطى مجاملة للمقربين، أو وفق عقلية «هذا ولد عم وهذا ولد خال». أم إن عافت الرويلي سيوقظ فينا شعور المسؤولية الوطنية تجاه الآلاف من شبابنا من الباحثين عن وظيفة، عن مستقبل، في وطن يتباهى مسؤولوه بميزانية قاربت من التريليون؟
إنها ليست مشكلة اقتصاد بقدر ما هي مشكلة إدارة ووعي بمسؤولية العمل الجاد من أجل الوطن وشبابه. وإن لم يشعر المعنيون بصياغة ميزانيات الوطن بأن الفقر الذي قاد عافت للانتحار هو عار وطني، فقل على مستقبلنا ألف سلام!
نشرت هذه المادة في صحيفة الشرق المطبوعة العدد رقم (١٠٠) صفحة (٣٦) بتاريخ (١٣-٠٣-٢٠١٢)