رئيس تحرير صحيفة الإمارات اليوم
أجرت غرفة تجارة وصناعة دبي دراسة، قبل سنوات قليلة، أظهرت نتيجتها أن 90% من الشركات والمؤسسات التجارية في الإمارة، لا تقوم بأي عمل ضمن المسؤولية المجتمعية، ولا تسهم إطلاقاً في أي عمل مجتمعي، وهي نتيجة متوقعة، بل هو واقع ملموس، فالقطاع الخاص غائب تماماً عن مفهوم المسؤولية المجتمعية، وبعيد عن المشاركة في معظم المبادرات المجتمعية الداخلية أو الخارجية، التي تطلقها الحكومة!
لذا تضمّن «عام الخير»، الذي أطلقه صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، محوراً خاصاً ومهماً، يُعنى بالمسؤولية المجتمعية للشركات، ويضع الأطر التنظيمية والتشريعية والتشجيعية للمسؤولية المجتمعية، بحيث تكون واضحة، ومُلزمة بشكل أو بآخر، ومُحفزة، وليست عشوائية، والأهم أن تكون عنصراً مهماً، لا يمكن للشركات تجاهلها والغياب عنها، بشكل متعمد وغريب، كما هو الوضع الحالي.
حسناً فعلت اللجنة العليا لـ«عام الخير»، عندما وضعت الإطار العام للمسؤولية المجتمعية، الذي ستسير عليه المؤسسات، فهو يركز على الإسهام المالي المحسوس والملموس في دعم أولويات الحكومة ونفع المجتمع، لتُنهي بذلك التبرير الوحيد، والحجة المكررة، التي تقدمها الشركات والقطاع الخاص لعدم المشاركة المجتمعية، وهي: نودّ المشاركة، لكن لا نعرف كيف يمكن أن نسهم في خدمة المجتمع!
لن يكون ذلك عذراً في هذا العام، ففي «عام الخير» ستسير الأمور بشكل منظم، ووفقاً للوائح وقوانين، وستعمل اللجنة على إيضاح كل شيء، وتسهيل كل شيء، بالتحفيز تارة، وبالإلزام تارة أخرى، بالمكافآت والقوانين، وبالعقوبات والشد والجذب أيضاً، ستعمل الحكومة في كل المحاور المعمول بها في مختلف دول العالم، لن تترك وسيلة لتحفيز الشركات على الإسهام المجتمعي إلا وستطرقها، والكرة بطبيعة الحال ستنتقل هذا العام إلى ملعب القطاع الخاص، من دون أعذار، ومن دون تبريرات غير منطقية ولا مقنعة!
الأمور لن تستمر كما كانت، ولطالما أعطت حكومة الإمارات فرصاً كبيرة للقطاع الخاص لتعظيم أرباحه، وأعطته تسهيلات وموارد ومشروعات ضخمة، لن يجد مثلها في أكثر دول العالم تطوراً، وفي مقابل ذلك كله لم تجبر حكومة الإمارات هذا القطاع، ولا شركاته الضخمة، على الإسهام المجتمعي، في حين تفعل ذلك دول كثيرة، توقعت منه أن يسهم طواعية وبرغبة ذاتية، لكن ذلك لم يحصل، بل إن هذا القطاع لم يلتفت للمجتمع يوماً، ولم يسهم، ولم يرد الجميل لهذه الدولة التي أعطته الكثير مقابل شيء زهيد لا يكاد يذكر، لم يسهم في تشييد مراكز طبية، أو تعليمية، لفئات المجتمع المحتاجة، ولم يسهم في تمويل بحوث، أو توظيف المواطنين، ولم يسهم في أي عمل مجتمعي يعود بالفائدة على أي فئة من فئات المجتمع، لم يفعل سوى تنفيذ المشروعات الربحية التي تعود عليه بأكبر فائدة ممكنة، مستغلاً كل التسهيلات التي تقدمها الحكومة، ومستغلاً كل مشروعات البنية التحتية، والتطوير الكبير الذي تصرف عليه الحكومة أيضاً مليارات الدولارات، من دون أن يدفع مقابل هذا الاستغلال شيئاً يذكر!
عام الخير لن يمر من دون تنظيم هذا الجانب، فالمسؤولية المجتمعية أحد أهم محاوره، والتجارب السابقة علمتنا أن العام لن ينقضي من دون مأسسة ذلك، ومن دون قوانين ولوائح منظمة لهذا العمل، وأخيراً نقول إنه مهما قدم القطاع الخاص، ومهما قدمت الشركات الضخمة، ومهما قدم التجار المواطنون والأجانب لمجتمع الإمارات، فإن ما يقدمونه لن يوازي، يوماً، ما تقدمه الحكومة من دعم لهم!
المصدر: الإمارات اليوم