يدون ويغرد في مجالات الآداب والسياسة والاجتماع. صدر له رواية بعنوان ( سور جدة ) وكتاب ساخر ( كنتُ مثقفاً ).
وأنا في ملكوت الله لفت اهتمامي صورة نشرتها وكالات الأخبار لخمسة رجال ملتحين متشابهين يرتدون حمالات وقمصاناً بيضاء وهم خارجون من محكمة أمريكية هذا الأسبوع، القضية التي تناقلتها الصحف أن امراة تُحاكم رئيس طائفتها الدينية التي تدعى الأميش على إجبارها على ممارسة الجنس، وأن رجل الدين هذا أخبرها أنها ستكون بذلك زوجة صالحة لزوجها كما فعل مع الآخريات.
الأميش طائفة مسيحية أصولية تعدادها الآن ربع مليون نسمة هربت من أوروبا في القرن 16 إلى أمريكا، الطائفة متشددة وتدعو إلى البساطة في الحياة لذلك هي تحرم الكهرباء وقيادة النساء للسيارة والهواتف والنقود الورقية والتصوير والسينما والكحول والتأمين ويرفضون مدارس الحكومة والضمان الاجتماعي، رجالهم لا يحلقون لحاهم أبداً، والنساء يلتزمن بحجاب أبيض، وللجميع ملابس تقليدية محتشمة جداً حتى للأطفال، ومن يخرج عن تعاليم الطائفة ومجلس الفتوى تتم مقاطعته، الآن نخرج من المحكمة التي تقع في مدينة كليفلاند بولاية أوهايو نركب عربة الزمن لمدة لا تتجاوز عشرين دقيقة إلى مركز كليفلاند الطبي، هذا المركز من أفضل ثلاثة مستشفيات في أمريكا ويستقبل كل عام ما يقارب 3.5 مليون مريض من مائة دولة حول العالم.
هذه عقلية صحن السَلَطة، أو كما يقول عادل إمام في مشهد الدعاء للزعيم “عايز منجا ياخد منجا، عايز فراولة ياخد فراولة”، تريد أن تعيش في خيمة لك كل الحق، تريد أن تصبح مايكل جاكسون لك كل الحق، هناك أميش ومستشفى كليفلاند لكن هناك قانونا يحكم الجميع.
نشرت هذه المادة في صحيفة الشرق المطبوعة العدد رقم (٢٧٦) صفحة (٢٠) بتاريخ (٠٥-٠٩-٢٠١٢)