كاتب سعودي
انتقل الزميل الصحافي الاقتصادي عدنان محمد خالد جابر الشهير جداً باسم عدنان جابر إلى رحمة بارئه عز وجل وهو في أولى سنين «الرشد» التي تبدأها الـ40، وفي حالات كثيرة تستعجلها الـ30، كما في حالته – يرحمه الله، وترى بوادرها في الـ20 كما رأيته المرة الأولى في ردهات جامعة الملك سعود، يجوب أروقة صحيفتها «رسالة الجامعة» مرتدياً ذلك المعطف اتقاء للبرد، ومن تحته ارتدى شخصية سعودية يرى من خلالها الأشياء التي نراها، وعلى رغم جنسيته الأردنية، إلا أنك تحسبه من شباب «شمال المربع» قريباً من مراتع صباه بالقرب من شارع الوشم وشارع التلفزيون.
ارتعش صوت أخيه سلمان وهو ينقل لي خبر رحيله بعد معاناة طويلة مع المرض، ذكرني بارتعاش صوت الزميل محمد البسام، الصحافي «شبه المتقاعد» على رغم شبابه الذي تابع حالة الفقيد «أبوطلال» أولاً بأول، وكان مصدري، وربما مصدر كل من تابع حاله الصحية من الأصدقاء والإعلاميين.
شاركنا نحن «بعض» الصحافيين القدامى، والإعلاميين والمذيعين والمستشارين الحاليين المنافسة الشرسة، وتعرفنا على الشخصية التي يعتقد من يراها للوهلة الأولى أنها صعبة المراس، والصحافي الذي تضع أسئلته الأولى للمسؤول أو المصدر الصحافي ملامح قصة أو خبر لا يمكن لأي رئيس تحرير إلا إبرازها وجعلها المادة الرئيسة في الاقتصاد، الصفحات التي كانت مكان إبداعه في «الاقتصادية»، و«الشرق الأوسط»، و«الوطن»، وكادت أن تكون كذلك ذات «استقطاب» هنا في «الحياة» التي بين أيديكم، عندما حاول «الجميل» جميل الذيابي استقطابه يوماً ما.
يعرفه رؤساء تحريره حق المعرفة، ويعرفه «بعض المسؤولين ومنهم وزراء أدركوا مهنيته وخصُّوه بالكثير، وكثير من رجال الأعمال والإعلام. رجل دؤوب ظل حبيس جنسيته التي جعلت سقفه الصحافي لا يتجاوز «رئيس قسم» وهو لا يعرف هواء غير هواء الرياض، ولم تتمزق رجلاه إلا في «سكيك» الوشم وشمال المربع.
تحسبه وهو يقطب جبينه شخصية لا تتمتع بالمرح وحب الحياة، وتعرف لاحقاً أنها لازمته «الصحافية»، ربما بلغة اليوم «تغريدته» في آذانهم بأنني صحافي «أقشر»، أبحث عن خبر يكون دوماً الخبر الرئيس في صفحات المال والأرقام.
عشرات الصحافيين الاقتصاديين الصغار الذين كبروا لاحقاً تخرجوا من مدرسته العملية، وعشرات الشباب استفادوا من خبرته الشخصية ميدانياً بعدما تقاعد باكراً، وذهب إلى دولة مجاورة قبل نحو أربع سنوات بحثاً عما يليق به من جهة الأجر والمكانة المهنية.
قلت ذات «نعي» لرجالات أعرفهم، أو أعرف عنهم إن «الموت لا يمر في المكان ولا في الزمان، الموت يمر في الوجدان، يزيدك جهلاً بكنه الحياة، الذي كلما قاربت من معرفته، أو حتى خيّل إليك التعرف إليه، عجزت عن وصفه، بالقدر نفسه الذي تعجز فيه عن وصف كنه الحب، والحزن، أو حتى حالات اللاشعور التي تصطادك في كل مرحلة من رحلة هواجسك في الذات والوجود».
خالص عزائي وعزاء الأسرة الصحافية السعودية لأسرته الكريمة في السعودية والأردن، وإلى رحمة أرحم الراحمين يا عدنان.
المصدر: صحيفة الحياة