كاتب و أكاديمي متخصص في الإعلام الجديد
يشعر كثير من الناس بتسارع العالم بعد ثورة المعلومات، وهذا ليس وهما، بل هو حقيقة تثبتها دراسات كثيرة تؤكد أن الإنسانية صارت تحقق في عام واحد ما كانت تحققه في عشرة أعوام أو أكثر سابقا، وذلك بفضل التمكين الضخم الذي تقدمه التكنولوجيا للباحثين والشركات والمبدعين.
في الأسبوع الماضي، تكلمت عن بدء الانطلاقة الفعلية لـ”إنترنت الأشياء” في 2014، وهو ما سميته بعهد “ما بعد الإنترنت”، بحكمه سيمثل بداية ثورة حقيقية في تفاعلنا اليومي مع الأشياء من حولنا والتحكم بها عن بعد بشكل كان سابقا شيئا من الخيال العلمي فقط.
هنا أسرد عشرة توقعات أخرى لعام 2014 على مستوى التكنولوجيا واستخداماتها:
1- استخدام الأجهزة المحمولة الذكية سيتصاعد بشكل مرهق للشركات الكبرى، ويتطلب الكثير من الجهد لمواكبة التحول من الكمبيوتر للموبايل. مارك زكربرج قال إن 48% من استخدام “فيسبوك” يأتي من الموبايل. هناك تحليلات تتوقع وصول هذه النسبة إلى 70% هذا العام. هذا النمو الخرافي سيكون لصالح شركات الاتصالات التي تتحكم بشبكات الجيلين الثالث والرابع، وسيتطلب جهدا هائلا من كافة الشركات لمواكبة هذا النمو من الناحية التسويقية.
2- ردود الفعل السلبية لكل الوثائق التي كشفها جون سنودن عن تجسس الإدارة الأميركية على الإنترنت ستظهر هذا العام مع كم هائل من الأنظمة والقوانين التي تحمي الخصوصية، وجهود لحماية المعلومات الوطنية للدولة من وصولها لشبكة الإنترنت والشركات الأميركية، وهذا كله سيؤثر سلبا ولكن بشكل بطيء على الإنترنت بشكلها العالمي الحالي.
3- هناك حرب حقيقية بين الشركات الكبرى على قدرتها على تقديم مساحات ضخمة لتخزين المعلومات للمستخدمين. “مايكروسوفت” هذا العام قدمت عرضا بـ200 جيجا مجانية، و”جوجل” و”أبل” و”أمازون” و”دروبوكس” وغيرها لديها مشاريع طموحة مماثلة. هذا سيشجع المستخدمين على استخدام “سحابة الإنترنت” لتخزين معلوماتهم بدلا من أجهزة الكمبيوتر، وسيؤجج الحرب بين الشركات الكبرى. شركة الأبحاث IDC توقعت أن يصل الإنفاق هذا العام على التخزين الافتراضي على سحابة الإنترنت إلى 100 مليار دولار، ويسهم في هذا التضخم حرص بعض الدول على بناء مراكز خاصة بها حتى تتفادى استخدام مراكز الاستضافة Data Centers الخاصة بالشركات الأميركية. أحد الاستخدامات المميزة التي يتوقع أن تبدأ هذا العام القدرة على تسجيل برامج تلفزيونية معينة لتحفظ لك لمشاهدتها فيما بعد على الإنترنت من أي جهاز، دون الحاجة لأن تسجلها على جهاز خاص في منزلك، وإنما على حساب خاص بك على الإنترنت.
4- محبو استخدامات التقنية الشخصية سينعمون بعام مميز، فالحساسات ستسمح لأجهزة الكمبيوتر بقراءة حركة يدك ومشاعر وجهك. أجهزة الكمبيوتر الكفية -“الآيباد” وغيرها- ستفهم حركة أصابعك دون الحاجة للمس الجهاز. سيكون هناك نمو غير عادي في شاشات التلفزيون التي تتميز بوضوح كبير وخاصة شاشات 4K (الألترا إتش دي) والتي تكاد تشبه الحقيقة بل أجمل في الألوان والوضوح. بالمقابل، ستنحدر شاشات الـ3D والتي فشلت في تحقيق جمهورها. “سامسونج” و”LG” ستطلقان الشاشات القابلة للطي وهذه لها تطبيقات رائعة.
5- رئيس “إنتل” توقع بأن يبدأ هذا العام تطور قوي في الاستخدامات العلاجية للكمبيوتر بحيث يمكن خلال 20 عاما قادمة الاستغناء بشكل كبير عن الأطباء في حياتنا اليومية. هناك أيضا توقعات بنمو في الأجهزة التي نلبسها لترصد معلوماتنا الحيوية على مدار اليوم. نجاح “أيفون” في استخدام البصمة لفتح الأجهزة فتح شهية شركات التكنولوجيا لاستخدامات أخرى لجسم الإنسان ومعلوماته في التكنولوجيا كذلك.
6- في الأعوام الخمسة الماضية، حصلت استثمارات ضخمة في التعليم على الإنترنت. هذا العام ستحصد كثير من الشركات نتيجة استثماراتها مع ارتفاع نسبة مصداقية وثقة الناس في هذا التعليم، كما أن هذا النجاح سيشجع عددا من كبريات الكيانات التعليمية العامة على التحول لاستخدام الإنترنت والتكنولوجيا في التعليم عموما.
7- “أبل” ستطلق جهاز الآيباد الخاص بالأعمال (أي للموظفين)، محاولة بذلك أن يحل محل الكمبيوتر الشخصي، وهي تريد استغلال الضغط الذي تمارسه “مايكروسوفت” على الشركات لتجديد رخص ويندوز بعد انتهاء صلاحية “ويندوز إكس بي” في 2014. هناك جدل ما إذا كانت “أبل” ستنجح في خطوة كهذه. “مايكروسوفت” سيصلها رئيس تنفيذي جديد هذا العام، وهناك توقعات كبيرة لما سيحدثه هذا الرئيس الذي يملك إمكانيات “مايكروسوفت” الخرافية، ويملك تحديات ضخمة كذلك.
8- سيكون هناك انفجار في الإعلانات على الإنترنت والموبايل مع وجود مؤشرات قوية على الفعالية الأفضل لهذه الإعلانات ومع الخبرة التي بنتها الشركات لتحقيق ذلك. هذا لن يكون في العالم العربي الذي سيركز إعلانيا على كأس العالم، ولكنه تمهيد ليحصل في 2015 عربيا.
9- “فيسبوك” لن تنمو في أعداد المستخدمين، ولكن ستزيد الساعات التي يقضيها المستخدمون هناك. هناك تشاؤم بشأن قدرة “تويتر” على النمو. “لينكدإن” ستحقق نموا كبيرا. ستنشأ عشرات الشبكات الاجتماعية الصغيرة والمتخصصة وخاصة على الموبايل. سيشهد العالم نموا غير عادي في الصور والفيديوهات على الشبكات الاجتماعية بعدما ثبتت فعاليتها.
10- “الجارديان” توقعت نمو “المدن الذكية” في 2014، وهناك نمو حقيقي للمنازل الذكية، و”جوجل” ستطلق متجر تطبيقات نظارة “جوجل” الذكية. كل شيء سيمضي في الطريق ليكون ذكيا من حولنا.
السؤال البسيط: هل ستستطيع الإنسانية الاستمرار في مواكبة كل هذا التقدم أم أنها ستطلب فسحة من الوقت لتلتقط أنفاسها؟
المصدر: الوطن أون لاين