هرباً من قيود مكافحة فيروس كورونا في بلدانهم، واقتناصاً لانخفاض الأسعار إلى أدنى مستوياتها مؤخرا، أصبحت عقارات دبي الفاخرة ملاذاً لأثرياء العالم، وتحديداً أثرياء أوروبا، فقد قفزت مبيعات الفيلات الفاخرة والشقق المطلة على البحر والمنازل العائلية القائمة خلال الأشهر الـ 6 الماضية، لتتغلب السوق العقارية على تحديات التراجع الذي رافق ذروة جائحة «كورونا»، مستثمرة رفع الإغلاقات وحظر التجول وعودة الحياة الطبيعية وتنامي الطلب العقاري في استعادة استقرارها وامتصاص المعروض فيها، ومواصلة دورها كأحد محركات اقتصاد دبي.
وفي حين أعادت الكثير من دول العالم فرض قيود مكافحة فيروس كورونا ، رحبت دبي بالزوار واطلقت دولة الإمارات واحدة من أسرع حملات التطعيم في العالم.
اقتصاد مفتوح
وأجمع خبراء ووسطاء عقاريون على انتعاش نشاط السوق، ما ساعد على استقرار أسعار الفيلات العائلية والعقارات الراقية على الشواطئ، وحول ملاعب الغولف، وصعود أسعار بعضها مدعومة بعروض مغرية من بعض المطورين والملاك، فضلاً عن التمويل السهل والاقتصاد المفتوح رغم الجائحة.
وفي المتوسط، ارتفعت أسعار العقارات بنسبة 7.5% منذ نوفمبر، مع مكاسب تراوحت بين 10% و15% في المواقع الراسخة والمطلوبة، وفقاً لـ بروبيرتي مونيتور. وشكلت العقارات السكنية التي يتجاوز سعرها 10 ملايين درهم 2.5% من جميع المنازل المباعة في دبي في مارس مقارنة مع 1.5% في الشهر السابق.
كما ارتفعت أسعار المساكن بنسبة 1.3% في دبي في مارس، وهي أول زيادة سنوية منذ عام 2015. وخلال الشهر نفسه من العام الماضي، تراجعت بنسبة 9.8% على أساس سنوي. كانت معاملات العقارات في جميع نطاقات الأسعار في مارس عند أعلى مستوى لها في 10 سنوات. استمر زخم السوق الراقية خلال هذا الشهر. وشهدت دبي حتى الآن بيع 69 منزلاً بقيمة 10 ملايين درهم أو أكثر للفيلا الواحدة في أبريل بإجمالي 1.36 مليار درهم.
انطلاقة
وقالت لطيفة إبراهيم أحمد، مدير إدارة الدراسات والبحوث العقارية في دائرة الأراضي والأملاك في دبي على هامش إصدار مؤشر العقارات الشهري: إن شهر أكتوبر من عام 2020 شهد تسجيل 3.395 صفقة بيع بقيمة 6.93 مليارات درهم وشكل ذلك ظهور بوادر التعافي القوي على السوق، وعودته إلى مساراته الطبيعية في مختلف شرائح الوحدات العقارية، خصوصاً من خلال الإقبال على الوحدات الفاخرة، وتسجيل النمو المستدام شهراً تلو الآخر. ويعني هذا في المجمل أن عام 2021 واعد للسوق، خصوصاً إذا أخذنا في الحسبان تنامي زخم الاستعدادات لاستقبال «إكسبو دبي» الذي يترقبه العالم أجمع.
فرصة
وأفاد ماثيو باتي، الذي تتعامل وكالته (نيست) بشكل أساسي في الفيلات الفاخرة، بأن النشاط ازدهر خلال الأشهر القليلة الماضية بعد أن انتهز المواطنون والمقيمون والزوار الأجانب الفرصة للشراء. وقال: «كان لدينا بعض الأصول التي تدنت أسعارها بعد إغلاق «كوفيد 19».
الآن أقول إننا عدنا إلى أسعار أوائل 2020 و2019». وأضاف: «كان لدينا تدفق هائل من السائحين، وجاء كثيرون إلى دبي، أحدث اثنين أو ثلاثة من عملائنا يتعاملون مع عقارات تزيد قيمتها على 15 مليون درهم. لديهم عقارات في نيويورك ولندن ويتجهون الآن إلى دبي».
منافس
وقال باسل نور الذي يعمل وسيطاً عقارياً إن العقارات الفاخرة بالإمارة أصبحت مع مطلع العام الجاري منافساً قوياً وجاذبة للمستثمرين على نحو لافت، فهي الأعلى جودة والأرخص عالمياً، وذلك ما حفّز الطلب الاستثماري الدولي عليها أخيراً لاسيما من قبل الأثرياء ووفقاً لتقديرات «سافيلز للاستشارات العقارية» فإن أسعار سوق العقارات الفاخرة بالإمارة تراجعت على مدى 5 سنوات مضت بسبب ارتفاع مستويات مخزون الإنشاءات وتخمة المعروض. ويرى نور أن تراجع أسعار العقار الفاخر انتهى.
معنويات
وقال الشريك لدى شركة نايت فرانك، تيمور خان: «لقد رأينا تغيراً ملحوظاً في المعنويات، وحالياً تتزايد الأسعار في جميع الشرائح». وأوضح «أنه في الطرف العلوي من السوق، يأتي التأثير في الغالب من الأموال الأوروبية، عبر مجموعة من مستثمرين يبحثون عن أصول في اقتصادات مرتبطة بالدولار»، وفقاً لما ذكرته «بلومبرغ».
وأوضح أن هناك طلباً على منازل العطلات في دبي من قبل المستثمرين الدوليين، وكذلك على المساكن ذات الخدمات المميزة في ظل تغير توجهات المشترين حول العالم في المرحلة الراهنة بعد العودة للحياة تزامناً مع استمرار جائحة كورونا.
وقال رئيس العمليات في بروبيرتي مونيتور، زان جوتشينكي: «يُنظر إلى دبي على أنها مكان آمن وأقل تقييداً من العديد من الأماكن الأخرى». وأضاف «المبادرات الحكومية التي تهدف إلى جذب المزيد من الاستثمارات والأشخاص إلى دبي ترفع وتدعم المعنويات بشأن آفاق السوق على المدى الطويل».
توجهات
وقال حسني البياري، الرئيس التنفيذي لشركة دي آند بي للعقارات: إن هناك مجموعة عوامل مؤثرة في رسم توجهات المستثمرين الدوليين في السوق العقاري خلال الفترة الراهنة والمقبلة في ظل استمرار تفشي الوباء حول العالم، وأول تلك العوامل البحث عن مواصفات أعلى لمكان الإقامة الأساسي للعائلة.
وذكر أن رغبة الوصول على رعاية صحية وسط الجائحة عامل مؤثر جداً وهذا ما توفره الإمارات بمعايير متقدمة، وأما العامل الثالث فيتلخص بالحصول على منزل لقضاء العطلات، فعادة ما يبحث الأثرياء عن وطن ثانٍ في الخارج ولدى دبي خبرة كبيرة وباع طويلة مع المستثمرين من هذا النوع، فقد حازت على ثقتهم خلال الطفرة العقارية الثانية ما بعد 2004.
رقم قياسي
وفقاً لبيانات جمعتها شركة بروبيرتي مونيتور للاستشارات العقارية، تم تنفيذ 84 صفقة عقارية خلال الشهر الماضي، وهو يمثل رقماً قياسياً جديداً للعقارات التي تزيد قيمتها على 10 ملايين درهم. وفي المجمل، بلغت القيمة الإجمالية للصفقات 1.7 مليار درهم في شهر مارس. ويبدو أن شريحة العقارات الفاخرة التي تستهدف الطبقة العليا عادت إلى الحياة في مدينة أصبحت ملاذاً للأثرياء الأوروبيين الهاربين من الإغلاق المتكرر ولآخرين جذبتهم سهولة الحصول على التطعيم ضد «كوفيد 19».
المصدر: البيان