في خطوة من شأنها حل أزمة الإسكان التي تعانيها البلاد، أمر خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود أمس، بكف يد وزارة الشؤون البلدية والقروية فورا عن توزيع المنح البلدية التي تتم من قبل الأمانات والبلديات، موجها وزارة الإسكان في البلاد بأن تقوم بإعطاء المواطنين أراضي سكنية مطورة وقروضا للبناء عليها حسب آلية الاستحقاق.
وتأتي الأوامر الملكية المتعلقة بقطاع الإسكان في السعودية، في الوقت الذي تعاني فيه نحو 60 في المائة من أراضي المنح في البلاد من عدم التطوير، وهي نسبة كبيرة جدا قادت خلال السنوات الماضية إلى تراكمات تتعلق بارتفاع معدلات شح الأراضي السكنية، مما عزز معدلات عدم تملك السعوديين المساكن.
وتوقع مختصون أن تشهد أسعار العقارات في السعودية خلال الفترة المقبلة حزمة من التراجعات، ويأتي ذلك بسبب الأوامر الملكية التي أصدرها خادم الحرمين الشريفين أمس، والتي تتعلق بتطوير أراضي المنح، وبنائها، بالإضافة إلى توزيع هذه الأراضي عقب تطويرها على المستحقين. وتأتي هذه التطورات المهمة في قطاع الإسكان السعودي، في الوقت الذي أوضح فيه الدكتور شويش الضويحي، وزير الإسكان السعودي أمس، أن خادم الحرمين الشريفين أصدر أمره الكريم بأن تتوقف وزارة الشؤون البلدية والقروية فورا عن توزيع المنح البلدية التي تتم من قبل الأمانات والبلديات بموجب ما لديها من تعليمات، وأن يتم تسليم جميع الأراضي الحكومية المعدة للسكن بما في ذلك المخططات المعتمدة للمنح البلدية سالفة الذكر، التي لم يتم استكمال إيصال جميع الخدمات وباقي البنى التحتية إليها، إلى وزارة الإسكان لتتولى تخطيطها وتنفيذ البنى التحتية لها ومن ثم توزيعها على المواطنين حسب آلية الاستحقاق. وأشار الدكتور الضويحي إلى أن خادم الحرمين الشريفين أمر بأن تقوم وزارة المالية باعتماد المبالغ اللازمة لتنفيذ مشاريع البنى التحتية لأراضي الإسكان، وأن تقوم وزارة الإسكان بإعطاء المواطنين أراضي سكنية مطورة وقروضا للبناء عليها حسب آلية الاستحقاق، بالإضافة إلى إعطاء وزارة الإسكان الصلاحية الكاملة لاعتماد المخططات لمشاريعها الإسكانية وفق الضوابط والاشتراطات العامة على أن تقوم بإحاطة وزارة الشؤون البلدية والقروية بذلك. وأضاف وزير الإسكان خلال تصريحه: «كما صدر توجيه خادم الحرمين الشريفين للوزارات والجهات المختصة بتزويد وزارة الإسكان بالبيانات اللازمة لتنفيذ مشروع تحديد آلية استحقاق وأولوية طلبات السكن المشار إليها في الأمر الملكي».
وحسب معلومات خاصة حصلت عليها «الشرق الأوسط» أمس، فإن عدد أراضي المنح غير المطورة في السعودية خلال الفترة الحالية تصل إلى نحو 60 في المائة من حجم الأراضي المخصصة للمنح، وهو الأمر الذي يجعل وزارتي «الإسكان»، و«المالية» في السعودية أمام اختبار حقيقي للنجاح في تطويرها وحل أزمة شح الأراضي التي تعانيها البلاد.
من جهته، أكد الدكتور عبد الوهاب أبو داهش، الخبير المالي والاقتصادي لـ«الشرق الأوسط» أمس، أن الأوامر الملكية التي أصدرها خادم الحرمين الشريفين المتعلقة بملف الإسكان، ستقود إلى حل أزمة عدم تملك المساكن من جهة، وخفض مستويات الأسعار من جهة أخرى، مما يسهل على المواطنين فرصة تملك المساكن.
وأشار الدكتور أبو داهش إلى أن تكليف وزارة «الإسكان» بمهمة تطوير أراضي المنح وتوزيعها على المستحقين، سيعزز فرصة رفع نسبة تملك المساكن في البلاد، حيث قال: «تطوير أراضي المنح سيحد من الاختناق الحالي فيما يخص سوق الأراضي السكنية، وهذا القرار سيحقق نتائج إيجابية واضحة على المواطنين الباحثين عن المساكن».
وأضاف الدكتور أبو داهش خلال حديثه: «الأوامر الملكية الأخيرة أعطت وزارة الإسكان السعودية صلاحيات مطلقة لحل أزمة الإسكان، وهو الأمر الذي ستبدأ نتائجه الإيجابية في الظهور جليا في قطاع الإسكان بالبلاد خلال الفترة المقبلة».
من جانبه، أكد عوض الحربي وهو مسوق عقاري في العاصمة الرياض، أن أسعار الأراضي السكنية في السعودية تعيش خلال الفترة الحالية قمتها التاريخية، وقال: «هذه الأسعار عقب الأوامر الملكية الجديدة ستبدأ بالتراجع التدريجي، ومن المتوقع أن تراوح نسبة انخفاض الأسعار النهائية بين 30 و40 في المائة في حال النجاح في تطوير جميع أراضي المنح وتوزيعها على المستحقين».
جدير بالذكر أن الدكتور شويش الضويحي، وزير الإسكان السعودي، كشف قبل نحو أسبوعين عن عزم وزارته نحو خلق مزيد من التوازن بين مستويات «العرض» و«الطلب» في الأسواق النهائية، مؤكدا خلال مؤتمر صحافي عقد في الرياض حينها، أن سوق الإسكان السعودية تتطلب تحقيق هذا التوازن.
وأكد محمد آل محمد، الرئيس التنفيذي لشركة «بواني العالمية» خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» قبل نحو أسبوعين، أن أراضي المنح غير المطورة لا تشكل أي إضافة لمعروض الأراضي في السوق السعودية، وقال: «يجب أن يكون هناك تمويل حكومي لأصحاب هذه الأراضي لكي يقوموا بتطويرها، أو أن يكون هناك تطوير حكومي مباشر، وفي حقيقة الأمر شراء أراضي المنح من قبل الحكومة ليس حلا لهذه المشكلة».
وأشار آل محمد حينها إلى أن القطاع العقاري في السعودية يعاني ركودا موسميا وليس دائما، وقال: «ما تشهده السوق العقارية من فترة لأخرى، ما هو إلا ركود موسمي، وليس دائما، بدليل أن الرياض ما زالت بحاجة إلى 200 ألف وحدة سكنية إضافية اليوم، والرقم يزداد من عام لآخر».
المصدر: صحيفة الشرق الأوسط