كاتب متخصص في الإدارة
هناك نوع من الناس يتفادى مواجهة المشكلة، إما عمدا أو من دون أن يشعر. وسبب ذلك يعود إلى مشكلات عائلية أو تجارب سابقة، بحسب خبيرة إدارة الخلافات د.سوزان رينز في كتابها «إدارة الخلافات».
فهذه الفئة من الناس التي تتفادى أو بالأحرى تهرب من مواجهة المشكلة هي أحد أنواع متعددة من السلوكيات التي تدرس في علم إدارة الخلافات، والتي منها المواجهة والتوافق والتعاون والتضحية وغيرها.
ما يهمنا هنا أولئك الذين يهربون من المشكلات التي تعترضهم لاعتقادهم أن الوقت كفيل بحلها. وهذه النظرة قاصرة، لأن الهروب من مواجهة المشكلة ليس بالضرورة حلا لها، فبعض المشكلات مثل كرة الثلج إن لم نتصد لها كبرت وصارت تداعيات تجاهلها أكبر.
غير أن بعض المشكلات تبدو صغيرة، ومن المرجح أنها سرعان ما ستزول، حينها يصبح أمر تجنب مواجهتها خيارا بديهيا، إلا إذا كان المسؤول يريد اقتناص فرصة توبيخ المتسببين بها حتى لا يتكرر الخطأ. وفي بعض الأحيان يتعمد بعض المسؤولين عدم تجاهل المشكلة إذا كانت مثلا من الأخطاء التي إن اعتاد عليها الموظفون أوجدت حولهم بيئة من الفوضى كسوء تعاملهم مع الزملاء أو فظاظة التعامل مع المراجعين والعملاء. فهذا النوع من المشكلات إذا تم غض الطرف عنه فإنه قد تتفشى بسببه في المنظومة حالة من التسيب.
أما مشكلة الذي يتجنبون المواجهة فتكمن في أنهم يتخيلون أنه عند وقوع مشكلة فلا بد أن هناك طرفا خاسرا وآخر رابحا، وأنه إذا ما واجهها أحدهم كان هو الخاسر لا محالة!
وربما هذا ما دفع خبيرة إدارة الخلافات د.سوزان رينز في كتابها إلى القول بأن للبيئة التي ترعرعنا فيها دورا في تحديد كيفية مواجهتنا للتحديات الحياتية. فهي ترى أن أولئك الذين يعيشون في مجتمعات تأخذ بعين الاعتبار المستوى الاجتماعي للفرد وأولئك الذين لديهم مقدرة ومهارات اجتماعية محدودة للتعبير الشفهي عن ذاتهم هم أكثر ميلا لتجنب مواجهة المشكلة أو الهروب منها. وربما يتفق البعض مع هذا أو يختلف لكنه أمر واقع في كثير من الأحيان.
وواقع الحال يقول إنه ليس من المعقول أن ننتظر أحدا ليحل لنا مشاكلنا، أو نكون أسرى الوقت ليتعطف علينا بحلها، فلا بد من قياس كل مشكلة وتقديم الحل المناسب بعد تأمل أو دراسة متأنية. المهم ألا نترك مشاكلنا عرضة لحالة اللاقرار، وما أكثرها لدى بعض حكوماتنا ومؤسساتنا العربية!
المصدر: الشرق الاوسط
http://classic.aawsat.com/leader.asp?article=783285