أديب وصحفي سعودي
هنالك حملة شرسة على ما يُسمى ( شيوخ الجهاد ) لا أفهم دوافعها ، ولا توقيتها ، ولن أدخل في تفاصيلها .. تريد أن تقول لنا باختصار مخل : أن آلاف الشباب غررت بهم ( فتوى ) الشيخ فذهبوا إلى الساحات المضطربة وأصبحوا وقوداً لحروب لا يفهمون تفاصيلها ، ولا يعرفون أسباب اشتعالها .
حسناً ، لنفترض أن ” فتوى شيخ ” هي السبب فيما يحدث ..
– لماذا ذهب هذا ” الولد ” – من هذا البيت تحديداً – ولم يذهب بقية الشباب في الحيّ؟
ألا تنظرون إلى تفاصيل حياة هذا ” الولد ” وطريقة تربيته ، في البيت والمدرسة ، وتفاصيل حياته الاجتماعية ، ومستوى دخله ، وكيف تشكّل ثقافياً ، حتى أصبح جاهزاً لـ ( فتوى ) تنشر عبر الانترنت : تحركه كما تشاء ؟
– هذا الولد ” غررت ” به فتوى .. إذاً ، ماذا ستقولون عن رجل تجاوز عمره الأربعين قرر أن يجاهد ؟!
نحن عندما نركز على ( الفتوى ) نهرب من المشكلة ، وننقذ أنفسنا من الصداع الذي يجلبه التفكير ، والمشاكل التي تجلبها الأسباب المختلفة .. نراوغ ، ونعلق المشكلة – بكل حمولتها وأسبابها – على شماعة واحدة : ” فتوى الشيخ ” !
هذا الولد – في البيت / في المدرسة / في المجتمع / في وسائل الإعلام – تشكّل بهذا الشكل ..
الكثير من السنوات ، والآلاف من المطويات والأشرطة ، ومواقع الانترنت ، والمناهج .. حوّلته من إنسان إلى قنبلة موقوتة .
هذا ” الولد ” ابن ثقافة عامة جميعنا شاركنا بإنتاجها ، وصنعته بهذا الشكل .
ما هو النشاط العام الذي يستطيع أن يشارك به هذا ” الولد ” دون أن ينظر له على أنه خارج عن القانون ؟
هل هنالك مساحات حرة من الفرح والبهجة والابتكار يستطيع أن يشارك بها هذا ” الولد ” ؟
هذا ” الولد ” ابن ( الخطاب ) الذي روّجناه طويلاً وصفقنا له كثيراً ..
هذا ” الولد ” ضحية الخطاب الذي نحاول إعادة صياغته ، دون أن نفكر بخطاب مختلف !
هذا الولد ” ولدنا ” .. فإذا فشل ، فالمؤسسات كافة فشلت في تربيته والمحافظة عليه .
وفي الختام أريد أن أسألكم :
لماذا يثق هذا الولد بفتوى الشيخ الجهادي ، ويصدقها ، ويتبعها .. وهناك عشرات الفتاوى على النقيض تحرضه على عدم الذهاب ؟!!
ستشعر لحظتها أن علاقة هذا الولد مع أي شئ رسمي – حتى في الدين – مهزوزة !
المصدر: المدينة