مؤسسة ومدير ة دار ورق للنشر في دبي وكاتبة عمود صحفي يومي بجريدة البيان
في الوقت الذي يهرع فيه العالم لفتح بواباته ونوافذه، مشرعاً قلبه مجدداً لمباهج الحياة وضجيجها الذي افتقده لشهور طويلة، يشعر كل واحد منا برغم بذرة الحذر المغروسة في طبيعتنا بأن الحياة تعود إلى المدن، وأن الروح تعود إلينا مجدداً، وبالرغم من أن مدناً أخرى تدق نواقيس الخطر، رافعة شارات الحظر ومنع الدخول بسبب «متحوّر دلتا»، مدن بأكملها تعيش في ظلال الخوف، وأخرى تحظر الطيران، وثالثة تمنع التنقل، إلا أن حب الحياة أقوى وإرادة الحياة هي من ينتصر في النهاية!
على الطرف الآخر، فرنسا وبعد معاناة ومكابدة تعلن خلاصها من الكمامات تدريجياً، وقبلها فعلت بعض مدن إيطاليا، وبينما أصابت الخليجيين حالة من الحزن بعد إعلان العديد من دول الاتحاد الأوروبي تحفظاتها على اللقاح الصيني، عادت هذه الدول تحت ضغط الأوضاع الاقتصادية وانهيار السياحة إلى القبول بكافة التطعيمات المعترف بها عالمياً، فقد بشّرت النمسا وألمانيا وسويسرا والبرتغال وفرنسا وغيرها من دول أوروبا الخليجيين بقرب الترحيب بهم على أراضيها خلال أيام.
أما موسكو فهي تعج اليوم بالشباب الخليجيين الذين قدّموا لسياحتها من خدمات الترويج ما لم تقدمه وزارة السياحة هناك على امتداد سنوات، فقد امتلأت حسابات السناب شات بالترويج لكل صغيرة وكبيرة فيها حتى غدت موسكو الوجهة المفضلة للكثيرين رغم تفشّي الوباء هنا وهناك.
أخرج اليوم، وبعد شهور عدة، من قمقم العزلة إلى واحد من أكبر مراكز التسوق في دبي، حيث الاكتظاظ والحيوية وعودة الحياة إلى رتمها المعتاد (مع الأخذ بكافة التعليمات والاحتياطات)، هذه الحياة التي تلقننا درسها الأزلي، أن لا شيء ثابتاً أو باقياً على حاله أبداً، وأن الإنسان هو الكائن الوحيد الجدير بالبقاء والحياة نظراً لقوة إرادته وصموده في وجه أعتى الكوارث والأوبئة، الإنسان الذي روّض الطبيعة وسخّر العلم والتقنية ليعيش ويستمر، وليحافظ على منجزاته وسعادته.
المصدر: البيان