كاتبة إماراتية
سمعت هذه المقولة كثيرا من موظفين مختلفين، فأحدهم يحدثني بأنه لو أصبح مسؤولا أو مديرا بأنه سوف يقدر عمل كل موظف مجتهد، وانه سيقوم بترقية كل موظف مخلص، وأنه لن يفرق بين الموظفين في المعاملة وفي المكافآت، وأنه سيرحب بجميع المقترحات المبدعة من الموظفين وسيعمل على تنفيذها، كما انه سيعصف بالموظفين المهملين وسيعاقبهم، ولكن السؤال المهم هنا …هل تظنون أنه سيصدق في وعوده؟
بإعتقادي أن لكرسي المنصب ذبذبات سحرية غريبة، فبمجرد جلوس المدير العام عليه يتحول إلى شخص آخر، ويفكر بطريقة أخرى، وينسى جميع وعوده وأحلامه، فيبدأ أولا بوضع نظم وقوانين جديدة ليفرض حضوره، ويفرد عضلاته، ويبدأ بتنفيذ الخطوة الثانية من جدول أعماله وهي تقريب الموالين للنظام السابق ..أقصد المدير السابق منه، أو قد يستغني عن خدماتهم ويعمل جاهدا في توظيف أقاربه وأصدقائه، وأخيرا يعمل على إضطهاد الموظفين المجتهدين المخلصين خوفا منهم على منصبه الجديد، متناسيا وعوده السابقة لهم.
برأيي أن معظم المسؤولين في وطننا العربي يتعاملون بنفس المنهجية إلا من رحم ربي، في حين أن الدول الغربية وغيرها من المجتمعات مثل اليابان تجتهد في وضع الأنظمة والقوانين والأفكار التي تحفز الموظف المجتهد، وتصنع الموظف المبدع، لا بل تتبنى الطفل منذ نعومة أظفاره لتبني داخله قائد المستقبل، الذي يتمتع بكل المهارات والخبرات اللازمة لإدارة وقيادة مؤسسات على المستوى العالمي بكل ثقة وجدارة، حيث يعمل منكرا ذاته، تاركا عواطفه ومشاعره بعيدا عن عمله، متجنبا المصالح الشخصية، والمحسوبيات، والواسطات.
كان المسؤولون قديما يخشون القيام بأي عمل قد يقال عنه ” واسطة ” ، ولكن في أيامنا الحالية، أصبح هذا المصطلح شيئا عاديا وممارسة يومية وكما نقول ” عيني عينك ” ، دون خشية من لومة لائم أواعتراض أحد.
ولكن أثلجت صدري كلمات سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، والتي غرد بها منذ عامين تقريبا، وذكرنا بها منذ أيام قلائل ” أعطينا مهلة سنتين للجهات الحكومية لتنفيذ مشروع الحكومة الإلكترونية الذكية ووعدنا المسئولين الذين لا يحققون الهدف أن نقيم لهم حفل وداع بنهاية هذه المدة ” ، حيث يؤكد سموه أنه لامكان لمسؤول متقاعس بيننا، وأن العمل الجاد المسؤول يثبت الذات، وليس أي شي آخر، وأنا أقول لكل صاحب كرسي ” لو دامت لغيرك ماوصلت إليك” ، فإبذل أفضل مالديك، وأوف بوعودك، وكما يقول المثل ” الميدان ياحميدان”.