قبل أكثر من ربع قرن حققت الإمارات سبقاً في مجال التجارة الإلكترونية التي كان ينظر لها البعض حينها بأنها ضرب من الخيال في تلك المرحلة، بل وأنشأت برئاسة معالي الشيخة لبنى القاسمي أول سوق إلكتروني للتجار بمنطقة الشرق الأوسط، وقد حقق لنفسه اسماً مرموقاً ذا ثقل على الساحة العالمية خلال فترة وجيزة.
وارتبط بروز السوق في تلك الحقبة بتقدير العالم للمشروعات الرائدة التي تحتضنها الإمارات في مجال صناعة المعلوماتية، والتي أبرزت اسمها على الساحة بقوة كواحدة من أهم مراكز التقنية في المنطقة، ويتواصل هذا الدور المتميز مع الشوط الكبير الذي قطعته الدولة في اقتصاد المعرفة، وكذلك توسع استثماراتها وبرامجها واستراتيجياتها في الذكاء الاصطناعي والقطاعات المرتبطة به.
وقد كان لوجود التشريعات والأنظمة والقوانين المرتبطة بالتجارة الإلكترونية منذ ذلك الوقت دوره في ترسيخ تلك السمعة العالمية المتميزة للدولة في هذا المجال.
نسوق هذه المقدمة الضرورية ونحن نتابع ما آلت إليه أحوال «تجار الغفلة» الذين دخلوا على الخط هذه الأيام عبر منصات التواصل الاجتماعي من دون ضوابط.
أصبحت هذه الفئة تستغل إقبال الناس على السلع التي يعرضونها جراء الإغراءات التي يقدمونها، ليفاجأ المشتري بأن السلعة التي وصلته مختلفة تماماً عن المتفق عليها ومن دون أي ضمانات تحمي حق المستهلك.
لقد تحولت هذه المنصات إلى فخ حقيقي بشهادة جمعية الإمارات لحماية المستهلك والتي قالت إنها تلقت عدداً كبيراً من شكاوى مستهلكين تسوقوا من منصات في التواصل الاجتماعي وبالأخص «إنستغرام» و«سناب شات». «أكشاك افتراضية» أصبحت فخاً حقيقياً لأنها وبكل بساطة غير مرخصة وتفتقر للمصداقية والثقة وعدم الالتزام بالضوابط التي يفترض أن تحكمها.
أصبحت هذه النوعية من التجارة مهنة من لا مهنة له على يد «تجار الغفلة» إياهم، وبصورة تؤثر على الجادين والموثوقين.
تجار الغفلة الافتراضيون إياهم لا يختلفون عن أي محتال أو نصاب يفر بأموال ضحاياه بعد تحقيق غايته، فيغلق أي أبواب للتواصل معه. ويقوم بفتح منفذ إلكتروني آخر وباسم تجاري آخر ليواصل مسلسل الإيقاع بالضحايا الذي يقعون فريسة الإغراءات والمواصفات غير الحقيقية والأسعار المتدنية.
ونحن نناشد دورياتنا الإلكترونية التحرك المتواصل لكشف المنصات الاحتيالية، فإن الأمر برمته يعود إلى وعي المستهلك الذي يفترض به إدراك الفرق بين منصة ذات مصداقية ومرخصة وأخرى تفتقر لوجود حقيقي في السوق الإلكترونية.
المصدر: الاتحاد