باشر فريق التحقيق الإماراتي مشاركة الفريق الروسي التحقيق في الأسباب الفعلية لحادث تحطم طائرة فلاي دبي خلال هبوطها في مطار روستوف أون دون، وتفريغ بيانات مسجل المعلومات والمسجل الصوتي لقمرة القيادة، وفقاً للهيئة العامة للطيران المدني. وكشف الرئيس التنفيذي لفلاي دبي، غيث الغيث، عن قيام الشركة بتقديم دفعة أولى من التعويضات لأسر ضحايا الحادث الأليم والبالغ عددهم 55 راكباً، بالإضافة إلى أفراد الطاقم السبعة، بإجمالي 1,24 مليون دولار(4,55 مليون درهم)، بواقع 20 ألف دولار (73,4 ألف درهم) عن كل راكب، ضمن برنامج مساعدات أسر الضحايا، مشيراً إلى أن هذه الدفعة تأتي ضمن التعويضات التي سيتم تحديد قيمتها الإجمالية في وقت لاحق، بحسب شروط النقل الخاصة بالناقلة.
وأكد الرئيس التنفيذي لفلاي دبي خلال المؤتمر الصحفي الثاني حول الحادث، والذي عقد أمس في مقر المكتب الإعلامي لحكومة دبي، أن الشركة لازالت تواصل جهودها للوصول إلى أسر الضحايا، مؤكداً أنه لن يتم الإعلان عن أسماء الضحايا قبل إخطار أسرهم.
وأكد الغيث أن جميع ما يتداول حالياً حول أسباب الحادث ما هي إلا مجرد تخمينات، داعياً مجدداً لعدم الخوض في التخمينات، ومنح السلطات التي تحقق في الحادث الوقت اللازم للوقوف على أسبابه، مشدداً على قيام فريق فلاي دبي الموجود حالياً في روسيا بتوفير كل المعلومات المتاحة ومشاركته مع سلطات التحقيق الروسية المسؤولة عن التحقيق، متوقعاً أن يستغرق الكشف عن النتائج بعض الوقت.
وأضاف الرئيس التنفيذي لفلاي دبي: «لدينا الآن فريق من الخبراء المدربين يعملون في روسيا وفي دبي لجمع المعلومات على الأرض لتحديد أسباب الحادث». وجدد الغيث تأكيده بأن الظروف في مطار روستوف أون دون كانت جيدة لهبوط الطائرة، وأن الشركة تتبع أعلى معايير السلامة في تسيير رحلاتها، مشيراً إلى أن الشركة لم تتخذ قراراً بعد بشأن مستقبل رحلاتها إلى مطار روستوف المغلق حالياً، مؤكداً أن عمليات الناقلة تسير كالمعتاد إلى كل الوجهات، ولم يتم إلغاء أو تأجيل أي رحلة.
وأكد الغيث أن تركيز الشركة ينحصر في الوقت الراهن في مسألتين أساسيتين، هما الاهتمام بجميع من طالتهم الحادثة وتقديم كل الدعم اللازم للسلطات التي باشرت في تحقيقاتها لتحديد أسباب الحادثة، مشيراً إلى أن الآثار الاقتصادية الناتجة عن الحادث ليست في قائمة الاهتمام على الإطلاق.
وتابع الغيث في البيان الذي ألقاه خلال المؤتمر الصحفي: «إننا نعمل حثيثاً على إيجاد الطريقة الأمثل لرعاية ودعم عائلات الضحايا الـ 55 و7 من طاقم الطائرة، الذين قضوا نحبهم خلال الحادثة أيضاً، حيث خصصنا فريق رعاية متدرب خصيصاً للاهتمام بهذه الحالات في كل من دبي وروستوف أون دون، كما نقوم بالتحضيرات لمساعدة عائلات الضحايا الراغبين بزيارة مكان الحادثة». وأضاف الغيث:«بذلت كل الجهود للاتصال بأعضاء عائلات الضحايا وهذه الجهود مستمرة، وكما سبق وأشرنا في اليوم الأول للحادث، لن نعلن عن أسماء الضحايا إلا بعد أن نتأكد من أنه قد تم إخطار العائلات أولاً».
وفيما يتعلق بالتحقيقات، قال الغيث: «لدينا أخصائيون من الدوائر المختصة على الأرض في موقع الحطام، يعملون مع السلطات المعنية لمساعدتهم على تحديد سبب الحادثة بأسرع وقت ممكن، وهم على أتم استعداد لتقديم خبراتهم وأية معلومات إضافية قد يحتاجها محققو الحوادث الجوية».
ويتكون الفريق الإماراتي المشارك في التحقيقات من الممثل المعتمد للدولة رئيساً للفريق وعضوين آخرين من قطاع التحقيق في الحوادث الجوية لدى الهيئة، حيث انضم رئيس الفريق إلى الفريق الروسي في موسكو للمشاركة في تنزيل بيانات مسجل المعلومات والمسجل الصوتي لقمرة القيادة التي تم البدء بها صباح أمس، بينما واصل عضوا الفريق رحلتهما إلى مدينة روستوف والتقيا بزملائهما من فريق التحقيق الروسي للمشاركة في جمع البيانات عن الحطام وتوثيق مكان الحادث، وجمع الأدلة التي من الممكن أن تكون ذات علاقة بمعطيات الحادث.
وأشار الغيث إلى التكهنات المنتشرة عبر وسائل الإعلام، قائلاً: «نعلم جيداً أنه خلال الـ 24 ساعة الماضية، انتشرت العديد من الأقاويل والتخمينات حول أسباب الحادثة، إلا أننا وعلى الرغم من أننا نتمنى الإجابة عن كل الاستفسارات بأسرع وقت ممكن، لكننا ندعو إلى عدم الخوض في التخمينات بانتظار نتائج التحقيق. وأن نمنح السلطات التي تتولى التحقيق في الحادثة الوقت والخصوصية الكافيين لتحديد الأسباب».
وحول تأثير شدة الرياح وتسبب سوء الأحوال الجوية في وقوع الحادث وتأثير ذلك على عملية تشغيل الطائرة، أكد الغيث أننا لا نريد استباق الأحداث والتكهن بأسباب فرضية، لكننا سننتظر استكمال التحقيقات للوقوف على الأسباب الحقيقية للحادث. وفي سؤال حول محتوى الصندوقين الأسودين اللذين عثرت عليهما السلطات الروسية، قال جيمس فايل، النائب الأول لرئيس العمليات الجوية في فلاي دبي، إن محتوى الصندوقين يتضمن سلسلة من المعلومات المختلفة، وسوف تكون في متناول وسائل الإعلام حال استكمال كل مراحل التحقيق حتى نتمكن من تحليل المعلومات.
وقالت الهيئة العامة للطيران المدني: إنه جرى تبادل المعلومات والمستندات والوثائق بين الفريقين الإماراتي والروسي بما يخص ملفات الطائرة المنكوبة وطاقمها، علماً بأن محققي قطاع التحقيق في الحوادث الجوية يعملون على مدار الساعة داخل الدولة في جمع باقي الوثائق، والتي يتم تزويدها لفريق التحقيق الإماراتي بروسيا أولاً بأول.
وأفاد سيف محمد السويدي، مدير عام الهيئة العامة للطيران المدني، أن «إجراءات التحقيق قد تستغرق وقتاً نتيجة للحجم الهائل للمعلومات التي تتعلق بالطائرة، والطاقم، والشركة المشغلة، ومطار روستوف، والمراقبة الجوية في المطار، وحالة الطقس والمعلومات التي يتم الحصول عليها من خلال المقابلات».
وأضاف السويدي: «سيتم ربط تلك المعلومات مع بيانات مسجلات الطيران وتحليلها والخروج باستنتاجات تتعلق بأسباب الحادث، وإصدار توصيات تهدف إلى منع تكرار وقوع حوادث مشابهة وتعزز مستوى السلامة الجوية على المستويين الوطني والدولي».
وحسب البروتوكول الدولي الوارد في الملحق الثالث عشر لاتفاقية الطيران المدني الدولي (التحقيق في حوادث ووقائع الطائرات)، فإن الجانب الروسي، بصفته دولة وقوع الحادث، سيقوم بقيادة التحقيق وبمشاركة الفريق الإماراتي، وفريق من مجلس سلامة النقل الوطني للولايات المتحدة كممثل لدولة تصميم وتصنيع الطائرة بمرافقة مستشارين من شركة بوينج. ولدى الجانب الروسي الحق في دعوة أي دول أخرى للمشاركة في التحقيق.
إلى ذلك قال إسماعيل الحوسني، المدير العام المساعد- قطاع التحقيقات في الحوادث الجوية: إنه، وبحسب نفس البروتوكولات، سيقوم الجانب الروسي بإعداد تقرير مبدئي خلال شهر من تاريخه يحتوي على المعلومات التي تم الحصول عليها خلال الشهر الأول، وخطة التحقيق وإصدار مسودة التقرير النهائي التي من المقرر تداولها مع الدول المشاركة في التحقيق من أجل مراجعتها ووضع ملاحظاتها عليها.
تحديد هويات الضحايا
أعلن التلفزيون الروسي أمس أن خبراء في مدينة روستوف بدأوا في تحديد هويات الضحايا الـ62 الذين لقوا حتفهم في تحطم طائرة شركة فلاي دبي. وكانت السلطات قد طلبت إلى أقارب الضحايا تقديم عينات من الحامض النووي (دي إن ايه) للمساعدة في تحديد هويات أقاربهم من الضحايا.
وتتولى أعلى لجنة تحقيق روسية عمليات التحقق من سبب الحادث، وقال متحدث باسم اللجنة إنه قد تم سؤال عاملين بالمطار ومراقبين للحركة الجوية وموظفي أرصاد جوية بالإضافة إلى ممثلين عن الخطوط الجوية.
المصدر: صحيفة الإتحاد