حلّ “فنان العرب” إلى أبوظبي من دون أن تفارقه الذكرى الجميلة عن المرة الأولى التي جمعته بجماهير الإمارات، وغنى فيها للإمارات ودولة الاتحاد عام 1971. إنها المرة الأولى التي يلتقي فيها الفنان محمد عبده بجمهوره الكبير العاشق لفنه وطربه في الإمارات بعد عودته للساحة الفنية بقوة في صيف العام الماضي بعد تحسن حالته الصحية التي أقلقت كثيراً جمهوره ومحبيه في كل مكان، ولم يتردد الفنان الكبير في تلبية دعوة هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة في أن يحل ضيفاً في احتفالات سباق جائزة الاتحاد للطيران الكبرى للفورمولا-1 في أبوظبي.
بادر الفنان الكبير من خلال “الاتحاد”، أن يطمئن جمهوره ومحبيه بأن أجندته حافلة بالنشاط والعطاء، وأنه باشر بالفعل في التحضير وتقديم روائعه الجديدة والقديمة لإمتاع جمهوره العريض على امتداد الساحة الخليجية والعربية. من دون أن يفصح عن أية تفاصيل في الوقت الراهن، وفضل إرجاءها لحين الانتهاء من إعادة ترتيب أوراقه الغنائية، وأنه بصدد جمع بعض النصوص ودراستها وتجهيزها، لكنه أكد أن ذلك سيكون في القريب العاجل.
يقول محمد عبده:”إن تنظيم سباق سيارات الجائزة الكبرى “فورمولا 1” في أبوظبي مدعاة فخر لنا جميعاً بعد النجاح والشعبية الكبيرة التي حظيت بها في شتى أنحاء العالم من انطلاقها عام 1950، وأمر يدعو إلى الإعجاب والتقدير أن نشاهد العاصمة الجميلة أبوظبي تتألق بهذه الصورة المشرقة، ونحن نجد هذا الحضور والاهتمام الجماهيري الكبير من كافة الجنسيات الموجودة، ومن الأهمية أن يتكاتف الفن والرياضة والسياحة في مثل هذا الحدث العالمي الكبير”.
الحدث الكبير
ويكمل فنان العرب:”أتشرف وأسعد كثيراً أن أكون موجوداً مع ضيوف كبار جاءوا ليشاركوا أهلنا في أبوظبي احتفالاتهم بهذا الحدث العالمي الكبير، لم أتردد في تلبية الدعوة، جئت لبلدي الثاني ولم يغب عن ذاكرتي انطباعاتي الجميلة وذكرياتي عن المرة الأولى التي غنيت فيها هنا في بلدي الثاني، ولازلت أتذكر مشهد الاحتفالات، وفرحة الناس بقيام دولة الاتحاد، وكيف كانت الفرحة، وكيف كان مشـهد المسرح الوطني الذي غنيت عليه، وكيف تفاعل معي الجمهور، ولم أنقطع عن الزيارة ولقاء الجماهير في أكثر من مناسبة طيلة الأربعة عقود الماضية، لكنني لابد أن أسجل إعجابي بالتطور والتقدم والنهضة التي تعلن عن نفسها في كل مناحي الحياة، هناك نهضة حقيقية مذهلة نهنئ أنفسنا وأشقاءنا في الإمارات عليها، وأسعد كثيراً أن تصبح أبوظبي وجهة حضارية مشرقة للفن والرياضة، لقد حضرت لأشارك الأشقاء أفراحهم واحتفالاتهم كما أحضر في أي مناسبة بكل تأكيد”.
وأضاف محمد عبده:” تنظيم هذا الحدث الكبير من شأنه أن يدعم صناعة السياحة، والحركة الثقافية الناهضة في الإمارات، وأن يستثمر الحدث كنافذة رياضية وترفيهية وسياحية وثقافية أمام الضيوف الذين حلوا من كل مكان في العالم، ونظهر من خلاله عمق وأصالة التراث العربي والإماراتي، ونؤكد أننا قادرون دائما أن ننظم مثل هذه التظاهرات الحضارية الجميلة، ولعل مشاركة نخبة كبيرة من الفنانين العرب والأجانب في الاحتفالات بالحضور أو الغناء، إنما هو تدعيم لهذا الاتجاه، فالفن والسياحة واجهتان حقيقيتان لنهضة المجتمع وتحضره وازدهاره”.
الساحة الفنية
عن رؤيته وتقييمه للساحة الفنية الغنائية الخليجية والعربية، وأسباب تراجع حالة الغناء، في ظل غياب النجوم الكبار، يقول فنان العرب: “ربما يكون هناك مواهب وأصوات غنائية جميلة كثيرة، لكن تراجع الغناء والطرب الأصيل جزء من تراجع ظواهر عديدة أخرى، إنها ظاهرة عالمية، والفن امتداد طبيعي للثقافة والحياة، وقد يكون ذلك نتيجة تغير وسرعة إيقاع الحياة وضغوطها وانشغال العالم بمشاكل لا حصر لها، وسط ضغوط الثورة الرقمية والتقنيات التكنولوجية الحديثة التي اجتاحت العالم على حساب الثقافة والأدب، وتأثر الحالة الثقافية والابداعية بالأوضاع السياسية والاجتماعية الراهنة من دون شك. لكن تبقى المشكلة الأهم وتتمثل في ندرة وجود كلمات ونصوص غنائية جديدة وملفتة، فدائما ما نجد كلمات متواضعة، وقوالب جامدة ومكررة، وكثيراً ما أقرأ كلمات جديدة أستشعر أمامها وكأنني غنيتها أو سمعتها قبل ذلك، فالمشكلة مشكلة تأليف ونصوص، رغم وجود أصوات ومواهب عديدة، فضلاً عن انصراف الإنتاج نحو الأغنية المرئية المصورة التي تعتمد على التأثيرات البصرية على حساب جودة الصوت والتلحين والأداء، ومن ثم نجد تبريراً لتراجع حالة الغناء والطرب خلال العقدين الأخيرين”.
ويكمل محمد عبده:” الفن شأنه شأن أي ظاهرة حياتية أخرى، ينهض ويخبو وينهض ويلمع مجدداً، فمن المؤكد أن جيل الزمن الجميل قدم للأغنية العربية الكثير، ونحن لا نتردد في دعم وتشجيع كل المواهب الشابة الجديدة، وأن ننقل إليهم خبراتنا، وجماهيرنا المحبة في الخليج وفي كل مكان، تستحق منا الكثير والكثير، وعلينا جميعاً أن نستثمر ما يحيط بنا من تقدم، ونهضة، وتطور في الإنتاج الفني، ووجود قنوات فضائية عديدة في إثراء الساحة الفنية، وإسعاد الجماهير المحبة التي لا تبخل بكل وسائل الدعم والتشجيع”.
تقدير وعتاب
يعيد فنان العرب التأكيد على احترامه الكامل وتقديره الكبير لوسائل الإعلام، ودورها في خدمة ودعم الفن والمجتمع، لكنه عاتب بعضها “عتاب المحب” ـ كما قال ـ وأشار إلى أهمية تحري وسائل الإعلام الدقة فيما تنقله عنه من أخبار، ويأمل منها الابتعاد عن المبالغة، أو ترديد الشائعات أحياناً بكل أسف ـ من قبل البعض ـ وألا يعملوا من “الحبة قبة” ـ بحسب محمد عبده ـ وأنه ملك لجمهوره الكبير العاشق لفنه وطربه، وأكد أنه لن يتوانى في التواصل المباشر مع جمهوره في كل الظروف.
المصدر: جريدة الاتحاد