من لا يسأل لا يتعلم. ومن يبحث عن المعرفة عليه أن يبدأ في الأسئلة. أن يعرف كيف يسأل. وماذا يسأل. ومتى يسأل.
السؤال هو ما يلهب فضول المعرفة. والأسئلة الجيدة تقود لمزيد من الأسئلة. ولولا السؤال ما عرفت الإنسانية طرق الإبداع والابتكار والإنتاج. الأستاذ في البلدان المتحضرة يمتدح طالبه بأن «أسئلته كثيرة.» وعندنا ينتقد الأستاذ طالبه لأن «أسئلته كثيرة». السؤال من صميم عملية التعليم.
والثقافة التي تكبت الأسئلة، تحرمها، إنما هي ثقافة تؤسس للنفاق والإزدواجية. وتقمع رغبة الفرد على التفكير المستقل. فالسؤال يفتح آفاقاً واسعة للإبداع والابتكار.
ثقافتنا تمتدح الصغير الذي لا يتكلم في حضرة الكبار. فينشأ الفرد على قمع أفكاره وكبت أسئلته. المعلم ينزعج من أسئلة تلميذه. وأستاذ الجامعة يتحسس من أسئلة طلابه.
وكأن السؤال يعني أن تكون الإجابة جاهزة وكاملة. كم مرة سألت في الفصل الدراسي بجامعاتي الأمريكية وكان الرد: لا أعرف. أو سأجيبك في الدرس القادم. أو: سؤال جيد، دعني أفكر فيه. وحينما أسأل لا يعني أن الطرف الآخر ملزم بالإجابة وإلا صنف في دوائر الجهلة وقليلي العلم.
ما أكثرهم بيننا أولئك الذين يتحايلون على السؤال ويتملصون منه. ما المشكلة إن لم تعرف الإجابة؟ ألن يحفزك السؤال للبحث في الإجابة؟ ولماذا تأبى كبرياؤنا إلا أن ندعي معرفة لا نملكها؟ ولماذا تأخذ بعضنا العزة بالإثم فيصر على معرفة ما ليس له به علم؟
المعرفة تجربة. والتجربة لم تعد رهينة عمر أو شهادة دراسية أو انتماء عائلي. وأكبر دليل أن عباقرة زماننا إما في مقتبل العمر أو ممن لم يكمل درجة علمية في جامعة.
علموا أطفالكم أن يكثروا من الأسئلة!
نشرت هذه المادة في صحيفة الشرق المطبوعة العدد رقم (١٣٧) صفحة (٣٦) بتاريخ (١٩-٠٤-٢٠١٢)