كاتب سوري في صحيفة الرؤية الإماراتية، ويعمل حاليا في مجال إعداد البرامج الحوارية الفضائية ، رئيس قسمي الثقافة والرأي في صحيفة "الوطن" السعودية اعتبارا من عام 2001 ولغاية 2010 ، عضو اتحاد الكتاب العرب (جمعية الشعر)، واتحاد الصحفيين العرب، بكالوريوس في الهندسة الكهربائية والإلكترونية، وبكالوريوس في اللغة العربية وآدابها، لديه 3 مجموعات شعرية مطبوعة
أثارت حالة “الربيع العربي” جملة كثيرة من التساؤلات على مختلف المستويات، ومنها من يمثلون النخب الفكرية العربية، إذ كان بعضهم قبل قيام الثورات لا يؤيد فكرة وجود ديمقراطية عربية لأسباب عدة منها أن العرب بانتماءاتهم القبلية والطائفية والعرقية غير صالحين للديمقراطية، ويرى آخرون أن اختصار مسألة الديمقراطية في انتخابات شكلية يسيء إليها ويجعل الشعوب تنفر منها. إلى ذلك، يعلل الكثير أن الوصول المتأخر للديمقراطية إلى البلاد العربية أدى إلى الخلل الأكبر في تكوينها العام وفهم الناس لها، فقد عجنها الغرب وغربلها ثم صدّرها إلى الشرق في هيئة مسخٍ عن حالتها الأم، فلم يفهمها الشرق إلا من باب ادعاء وجودها، فظهرت في خطابات الطغاة لتبرير استبدادهم، وصارت شعارا لهم كلهم في انتخابات هزلية أو “استفتاءات” كم تندر العرب وغير العرب على نسبتها التي كانت غالبا 99.99%. والديمقراطية بهذا الشكل تصبح مفصلة على مقاس “الزعيم” الأوحد، وإن اختل المقاس قليلا نتيجة مطالبة جماهيرية بالديمقراطية الحقيقية أو ممارسة شعبية سليمة، فإن ذلك الزعيم على استعداد لتجنيد قواه الأمنية والعسكرية وفعل أقصى ما يستطيع من قمع وقتل وسحل وسجن لإعادة المقاس إلى الوضع الذي صُمم من أجله. وهذا ما حدث في دول “الربيع العربي” مع اختلاف نسب القمع بين دولة وأخرى.
بعد مرحلة “الربيع العربي” ومع سلبية كثير من النخب الفكرية والثقافية تجاه سعي الشعوب لصناعة دول عصرية ترتكز على رؤية ديمقراطية، تعود التساؤلات من جديد ولكن بصيغة مختلفة تدعو تلك النخب لمواجهة الواقع الناتج عن المتغيرات ومواجهة ما أفرزته الانتخابات الحرة في أكثر من بلد، فالكثير قبل بالفعل الديمقراطي الشعبي، غير أنه لم يتقبل وصول جماعات الإسلام السياسي إلى الحكم. وهنا يحدث التناقض، فهل الديمقراطية التي أفرزت هؤلاء قادرة على الصمود والاستمرار؟ وهل الشعوب التي رزحت عقودا تحت نير أنظمة استبدادية وجرّبت الانتخاب الحر واختارت الإسلام السياسي للمرحلة المقبلة تستطيع الضغط كي تنجز “تداول السلطة” الذي لم تألفه بلدانها؟ وهل بإمكان الذين وصلوا إلى الحكم ضمان العدالة والمساواة والحريات بأنواعها للشعوب ضمن عملية التحولات الديمقراطية؟
واقع الحال يقول إن المخاضات صعبة، وجدوى الديمقراطية يظهر عندما تصير ممارسة اعتيادية لدى العامة، بمعنى أنها تخرج من النخب وتنظيرات مفكريها، وتبتعد عن الساسة وطروحات رجالاتها المثالية، ويتبناها كل فرد في المنظومة الاجتماعية، فتكون الصدارة للحوار وتقبل الرأي المخالف والآخر المختلف.
المصدر: الوطن أون لاين