كاتبة إماراتية
تبقى الأم أماً رغم كل الظروف، إذ في وقت الشدة نراها صامدة وصابرة وصاحبة إرادة قوية تحتضن أطفالها لتبث فيهم روح الحياة، فمصدر قوتها وعزيمتها ينبع من قلبها الحنون.
رغم تفوق أمهات كثيرات وتميزهن في المجال المهني إلا أن هذا النجاح لا يستطيع أن ينطق إلا بالأمومة أولاً، لأن كل امرأة ناجحة ترى أن نجاحها في المنزل هو أساس نجاحها في أي عمل تقوم به خارج منزلها.
لكن كم أم ضحت براحتها من أجل توفير لقمة العيش لأطفالها وكم أم عاملة أهملت أطفالها فأدى ذلك إلى مشاكل في الارتباط بينها وبينهم؟!
قصة مؤثرة لأم مكافحة تلامس الواقع في المسلسل الرمضاني «كان في كل زمان» الذي تؤدي فيه الممثلة إلهام الفضالة دور الخياطة التي تعمل جاهدة ليل نهار لتعيل أبناءها الأربعة بتوفير احتياجاتهم المادية والسكن المناسب، فالأب لا يهتم أبداً لتوفير احتياجات الأسرة الأساسية بل يزيد من حمل الأم ويغمرها مرارة بسرقته الأموال التي تجنيها لتدبر إيجار السكن بدون أي تأخير.
في يوم مرضت الأم وقال لها الأطباء إن أيامها باتت معدودة، حينها رددت عبارة يسودها الألم والأسى «لهيت بمعيشتهم ونسيت أعيش وياهم». أطفال هذه الأم المكافحة لم ولن ينسوا تضحيات هذه الأم لأنها غرست حبها في قلوبهم فكسبت برهم.
قال خير من وطئت قدماه الثرى، رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم: «إياكم والظلم، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة».
حين طلبت الأم من مالكة المنزل الظالمة أن تمهلها بعض الوقت حتى تدبر الإيجار، نهرتها بقسوة ورفضت أن يستعمل ابنها المريض المصعد الكهربائي إلا بعد تسديدها المبلغ فسبب ذلك للعائلة برمتها الضيق والحسرة.
في اليوم التالي تقوم المالكة بمهامها اليومية فتشعر فجأة بالإعياء لتكتشف بعد زيارتها للطبيب أنها مصابة بمرض القلب وفي مرحلة متقدمة جداً لن تنجو إلا بإجراء عملية زرع للقلب، وهذه العملية تستدعي منها الانتظار لفترة طويلة حتى تجد متبرعاً يفارق الحياة ويوصي بالتبرع بقلبه. فتواجه هذه الصدمة بذهول فكيف لا تستطيع أن تنقذ حياتها بالرغم من ثرائها الفاحش؟
في كل زمان سنجد الظالم والمظلوم، المظلوم لن يهدأ لأنه صاحب حق قضيته متصلة بالسماء لذا دعوته مستجابة، أما الظالم فلن يهنأ أبداً؛ فمهما بلغ ظلمه سينال عقابه، ومهما طال به العمر لا بد أن يلقى حتفه المحتوم؛ فدعوات المظلومين ستكون له بالمرصاد لأنها تُّرفع للسماء وليس بينها وبين الله حجاب.
المصدر: البيان