كاتب وأديب إماراتي
قرار إدارة جائزة الشيخ زايد للكتاب بتخصيص جائزة العام لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم كشخصية سياسية قيادية أغنت وأثرت الثقافة أثلج صدور الجميع وخصوصاً الذين تابعوا جهود سموه التاريخية والمتواصلة في دعم الثقافة والكتابة والأدب والتعليم ورعاية المثقفين والكتاب والأدباء والمتعلمين.
ولقد بدأ ذلك الدعم وتلك الرعاية منذ مرحلة مبكرة في مشواره القيادي، حيث اهتمت جهوده القيادية في وزارة الدفاع التي تسلمها منذ أول تشكيل وزاري اتحادي بالتدريب الأكاديمي المتطور وبالتوجيه المعنوي الذي يمد أفراد قواتنا المسلحة بالجرعة القوية من الثقافة الوطنية التي تؤكد على ثوابت الهوية الوطنية الإماراتية وانفتاحها على محيطها العربي والإسلامي والعالمي.
أما شرطة دبي التي حولها بتوجيهاته النيرة إلى واحدة من أكفأ المؤسسات الشرطية في العالم، فقد ركز على تحصينها بالعلم الأكاديمي، فأمر بتأسيس أكاديمية شرطة دبي بأساتذتها المميزين ومناهجها المتطورة التي خرجت أجيالاً من الكفاءات الشرطية الوطنية القديرة، وإدراكاً من سموه لأهمية الدراسات والبحث والتوثيق العلمي في المجالات الأمنية فقد وجه بتأسيس مؤسسات شرطية ثقافية مميزة عدة منها، متحف شرطة دبي ومركز البحوث والدراسات ومركز دعم اتخاذ القرار.
ولقد قام سموه خلال العقود الزمنية الأربعة الماضية برعاية وتشجيع العديد من المبادرات والمشاريع الثقافية الرائدة والخلاقة مثل (ندوة الثقافة والعلوم) التي تأسست بتشجيع ودعم من سموه وقامت بنشاطات ثقافية وأدبية وفكرية عدة منها، جائزة الشيخ راشد للتفوق العلمي ونادي الإمارات العلمي وإصدار سلاسل الكتب والبحوث ومواسم المحاضرات والندوات وغيرها من النشاطات، وقام سموه برعاية جائزة دبي الدولية للقرآن الكريم التي ترعى وتشجع حفظة القرآن الكريم في مختلف دول وأقطار العالم، وجائزة محمد بن راشد للغة العربية التي تدعم النشاطات التي تهدف إلى تشجيع تطوير تعليم لغة القرآن والحفاظ عليها في عصر العولمة وتداخل الثقافات.
واهتماماً من سموه بالثقافة والمعرفة والتعليم والكتاب على مستوى عربي وعالمي فقد أطلق (مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم)، وقد قامت هذه المؤسسة المميزة منذ إطلاقها بترجمة ما يقرب من ألف كتاب في مختلف مجالات المعرفة الإنسانية وأغنت المكتبة العربية بروائع الكتب في الإدارة الحديثة، والاتصالات، والتربية، والتاريخ، والأدب، والثقافة العامة. كما قامت المؤسسة بتقديم نشاطات ومبادرات ثقافية عدة مثل، (مهرجان دبي الدولي للشعر) و(الحوار الألماني – العربي)، وتقارير (المعرفة العربية) التي سلطت الأضواء على العديد من الجوانب المجهولة في الأنشطة المعرفية والثقافية العربية وذلك من خلال نشر التقرير والمحاضرات المصاحبة له والتي تجلب إلى الإمارات مختلف المتخصصين في مجالات المعرفة.
ومن ضمن اهتمامه بالآداب وتقديره لدورها في نهضة المجتمعات الإنسانية فإن سموه يرعى (مهرجان طيران الإمارات للآداب) هذا المهرجان السنوي المميز الذي يقدم إلى المهتمين بالأدب أفضل المبدعين من الكتاب العرب والعالميين لكي يتفاعلوا مع الجمهور عندما يتحدثون عن كتبهم وتجاربهم الأدبية.
واهتمام سموه بالشعر النبطي قديم ومعروف، فهو من المبدعين فيه بقصائده المميزة وإسهاماته المعروفة، وقام بتشجيع المبدعين في هذا النوع من الإبداع الأدبي، ورصد لهم الجوائز، ورعى مهرجاناته وملتقياته، وأوصى بطبع ونشر كتبه ودواوينه. ويحتل الإعلام مكانة أثيرة في اهتمامات سموه فهو يقوم برعاية وحضور الملتقيات الإعلامية ويحرص على لقاء الإعلاميين والاستماع لوجهات نظرهم لأنه يدرك الدور المحوري الذي يلعبه الإعلام في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، كما انه يتابع كل التطورات التي تطرأ على وسائل الاتصال الحديثة ويوجه لاستخدامها بشكل إبداعي في كل مؤسسات المجتمع والدولة.
أما النشاطات الثقافية العامة فقد دعمها سموه بشكل مؤسساتي من خلال توجيهاته ودعمه لوزارة الثقافة والشباب وخدمة المجتمع التي تدير دفة الثقافة في دولة الإمارات العربية المتحدة، ومن خلال توجيهاته ودعمه لهيئة الثقافة والفنون في إمارة دبي والتي تقوم برعاية الأنشطة الثقافية في إمارة دبي. وسموه يدعم العديد من الأنشطة الثقافية المميزة التي تقام بمبادرات متنوعة مثل، (مهرجان دبي للسينما) ومعرض (آرت دبي)، هذه المبادرات النوعية ساهمت في وضع النشاط السينمائي والتشكيلي الفني في الإمارات على الخارطة العالمية لهذه الفنون المميزة.
وطموحات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم متوجهة دائماً إلى المستقبل لتحقيق المزيد من الإنجازات في مختلف المجالات ومنها المجال الثقافي، فقد وجه سموه لتأسيس دار (أوبرا دبي) التي ستكون من دور الفنون الموسيقية الراقية والرائدة على مستوى العالم العربي والشرق الأوسط، وأمر أيضاً بتأسيس (مكتبة محمد بن راشد آل مكتوم) في إمارة دبي والتي ستصبح من أهم المكتبات العامة في المحيط الخليجي والعربي، كما أوصى بتأسيس (متحف الاتحاد) الذي سيحفظ ذاكرة تأسيس اتحادنا المبارك الذي رفع علمه في مدينة دبي ونحتفل بذكرى هذا اليوم الوطني الغالي في الثاني من ديسمبر في كل عام. وأخيراً وجه سموه لتأسيس (متحف الابتكار) ليكون مع (متحف مترو دبي) لآلئ في عقد المتاحف المتعددة في إمارة دبي.
ولا يفوتنا أن نذكر أن مجال السيرة الذاتية في الإطار القيادي العربي قليلة جداً وهنا يبرز كتاب (رؤيتي) وكتاب (ومضات من فكر) اللذان قدما جوانب مضيئة ومهمة من سيرة قائد ظهرت مساهمته الحضارية واضحة في نهضة شعبه وتقدم مجتمعه.
هذه العجالة السريعة لا تكفي لشرح المساهمات الكبيرة لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في مجال دعم الثقافة والأدب والكتاب ولا شك أن الهيئة المشرفة على جائزة الشيخ زايد للكتاب ستقدم في الاحتفال المقبل للجائزة الذي نتمنى أن يكون عرساً مميزاً للثقافة الحيثيات العديدة التي توصلت إليها لاختيارها الصائب لهذه الشخصية القيادية التي تركت بصماتها الثقافية والحضارية على مختلف الإنجازات الحضارية في دولة الإمارات العربية المتحدة والتي يشهدها أبناء الإمارات وكل الزائرين لها، هذه الدولة الرائدة التي أسس أركانها الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان والشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم وإخوانهما حكام الإمارات، رحمهم الله، مستمرة في عطائها الثقافي والحضاري وكانت وما زالت منارة علم وفكر وحضارة.
المصدر: البيان
http://www.albayan.ae/opinions/articles/2015-04-19-1.2356642