صحفي وكاتب سعودي
بروكسل ليست فقط عاصمة بلجيكا، ولا الاتحاد الأوروبي، بل هي أيضا أكثر مدينة أوروبية «تورد» الدواعش من المغاربة والجزائريين والتوانسة لسوريا، وكل بلدان العالم.
هناك أفلام وثائقية وتحقيقات صحافية حول هذا الأمر. مثلا بثت قناة «العربية» فيلما وثائقيا أصله بالفرنسية بعنوان: «بلجيكا: قاعدة (داعش)» تناول تحول أحياء في بروكسل لمراكز نشاط داعشي.
حي مولينبيك بالعاصمة البلجيكية خرج منه كثير من قتلة «داعش» من ذوي الأصول المغاربية. أشهرهم صلاح عبد السلام، قائد هجمات باريس الإرهابية 13 نوفمبر (تشرين الثاني) 2015.. الهجمات التي صعقت فرنسا والعالم، وحولت مسارح وملاعب وشوارع باريس لعروض توحش همجي علني.
صلاح هذا، الذي قبض عليه الأمن البلجيكي قبل أيام، كان إلى فترة قريبة- ومعه أخوه، من «حثالة» الشوارع، إدمان للحشيش والكحول، وعطالة عن العمل، وارتياد لحانات الدعارة، بل وصلاح كان يرتاد بشكل خاص حانة للمثليين.
مثل صلاح، العقل المدبر لخلايا بروكسل وباريس، المغربي عبد الحكيم أباعود، أبو عمر السوسي، كما لقب نفسه، وهو كان مدمن حشيش و«أزعر»، هو من نفس الحي الداعشي (مولينبيك).
من أراد التوسع أكثر حول قصة حي الدواعش ببروكسل فليقرأ التحقيق المثير لعزيز مطهري بعنوان: «دواعش بلجيكا». نشر أمس بهذه الصحيفة.
الهجمات الأخيرة على مطار ومحطات المترو في بروكسل، خلفها «داعش» بلا ريب، وتذاكي بعض مغردي «تويتر»، وبعض الكتبة، في «عدم استعجال الأمور» هو ضرب من الكلام البارد الغث.
ظاهرة تدعشن الشبان البلجيكيين أو الفرنسيين، من أصول مغاربية، ظاهرة عجيبة. هؤلاء الدواعش من الناحية القانونية، ليسوا مواطنين لأي دولة عربية أو مسلمة، هم يحملون جنسيات الدول الأوروبية وبها ولدوا، ويحق لهم الانتخاب فيها.. إلخ.
حول ظاهرة الدواعش من أبناء المهاجرين المغاربة للعالم الأوروبي الفرنكفوني، ومنه بلجيكا، حدثني صديق سوري، وهو صحافي مهاجر من أهالي الرقة، أن أقاربه في الرقة حدثوه أن أكثر الدواعش شراسة في الرقة هم التوانسة والمغاربة، وأنهم لا يعرفون الحديث بالعربية، وأن أحدهم قال لمواطن من الرقة بغضب، حين عجز عن التفاهم معه: لماذا لا تتحدثون الفرنسية؟! فرد عليه صاحب الرقة بلهجته: «أنتم (مطولين) معنا!».
الملاحظة الصحيحة تقتضي عدم تجاهل هذا «الاستثناء» البلجيكي: ما سببه، كيف يكون حله؟ مع التشديد والتأكيد على أن مسؤولية محاربة هذه الثقافة تقع أولا على عاتق المسلمين.. حتى لا يتوهم البعض تبرئة الذات!
فكر الإرهاب الأصولي مشكلة للمسلمين – أساسا – لكنه أيضا مشكلة سياسية اجتماعية بالدول الغربية نفسها، مشكلة داخلية، في قراءة ما.
المصدر: صحيفة الشرق الأوسط