قطر على موعد مع قرار مصيري يختبر انتماءها الخليجي

أخبار

قبل أيام قليلة من اتخاذ قرار مصيري، تدرس قطر قائمة من المطالب تقدّم بها جيرانها للخروج من الأزمة، وحذر مسؤولون في الخليج من احتمال ممارسة ضغوط اقتصادية طويلة الأجل، ما لم تكن الدوحة مستعدة لقبول المطالب. ولم ترد قطر على الفور بعد تلقيها مجموعة واضحة من المطالب للمرة الأولى.

ويصرّ جيران قطر على أن قائمة المطالب المكونة من 13 نقطة هي خط النهاية، وليست نقطة انطلاق للمفاوضات. وأشارت الدول العربية المعنية الى أن رفض الدوحة الالتزام بالموعد النهائي الذي يستمر 10 أيام، فإنها ستواصل تقييد وصولها الى الطرق البرية والبحرية والجوية الى أجل غير مسمى، بالتزامن مع تصعيد الضغوط الاقتصادية. وقال سفير الإمارات لدى الولايات المتحدة، يوسف العتيبة: «الاجراءات التي تم اتخاذها تبقى نافذة حتى يتم التوصل الى حل طويل الأجل لهذه القضية».

غير أنه أكد أن تلك العقوبات اقتصادية ودبلوماسية فقط، مضيفاً أنه «لا يوجد أي جانب عسكري على الإطلاق». وتراوح المطالب الخليجية بين الدعوة إلى إجراء إصلاح شامل لسياسة قطر الخارجية، والنفوذ المموّل من الغاز الطبيعي في المنطقة. ومن شأن الامتثال لهذه الشروط أن تجبر قطر على أن تتماشى سياساتها مع الرؤية الإقليمية للمملكة العربية السعودية، أكبر اقتصاد في الشرق الأوسط، والقائم على بوابة الحدود البرية الوحيدة في قطر.

• الأزمة يمكن أن تهدّد الاستقرار السياسي للأسرة الحاكمة في قطر على المدى الطويل في حال استمرت.

• كلما طال أمد الأزمة، كلما كان من الصعب إعادة دمج قطر في محيطها الخليجي.

• «قطر للبترول» قد تطلب من كبار موظفيها تأجيل «الرحلات إلى الخارج لأسباب تشغيلية» بسبب الأزمة، تحت مبرر أن هذا تدبير محدود جداً، يمكن أن يحدث في أي شركة تعمل في مجال النفط والغاز لضمان الإمدادات دون انقطاع للعملاء.

وتشمل المطالب أيضاً إغلاق المنافذ الإخبارية، بما في ذلك قناة الجزيرة والقنوات التابعة لها، وكبح العلاقات الدبلوماسية مع إيران، ووقف جميع العلاقات مع الجماعات المتطرفة، بما فيها جماعة الإخوان المسلمين.

وعلى الرغم من أن قطر قد ترفض المطالب المقدمة إليها، إلا أن هذه القائمة تستجيب لنداء متكرر من الولايات المتحدة، ومن قطر نفسها، للدول المشتكية من أجل تقديم شكاواها خطياً. وتشمل القائمة مطالب تصر الدولة الصغيرة الغنية بالغاز على أنها لن تتحقق، بما في ذلك إغلاق قناة الجزيرة.

وقد قطعت السعودية ومصر والإمارات العربية المتحدة والبحرين علاقاتها مع قطر بسبب تمويلها الإرهاب. وقد تركت هذه الأزمة قطر في عزلة فعلية من جانب جيرانها.

قضية عربية

حاول وزير الخارجية الأميركي، ريكس تيلرسون، التوسط في وقت أكد فيه العتيبة أن «هذه قضية عربية تتطلب حلاً عربياً»، وأضاف «هذا هو السبب في أن الكويتيين سيأخذون زمام المبادرة في المفاوضات». ووصف المتحدث باسم البيت الابيض، شون سبايسر، الأمر بأنه «قضية عائلية» بالنسبة للدول العربية، ورفض القول ما إذا كانت المطالب الجديدة المطروحة مشروعة. وقال المتحدث الأميركي: «هذا شيء يريدونه، ويجب أن يستنتجونه بأنفسهم».

وقد انحازت تركيا إلى جانب الدوحة في هذا النزاع، وصادق برلمانها على تشريع يسمح بنشر قوات تركية في القاعدة العسكرية في قطر. وقال الجيش إن وحدة مكونة من عشرات الجنود وصلت الى الدوحة بالفعل. وفي هذه الأثناء، قال رئيس دائرة اللغة الإنجليزية في «الجزيرة» إن الشبكة لاتزال ملتزمة بمواصلة بثها.

وفي ما يخص الموقف التفاوضي، فإن قطر في وضع ضعيف وهش جداً، حسب خبير شؤون الشرق الأوسط في كلية لندن للاقتصاد، فواز جرجس، موضحاً «يمكن للدول الأربع أن تنتظر، لكن قطر لا تستطيع ذلك»، متابعاً «هذه الأزمة يمكن أن تهدد الاستقرار السياسي للأسرة الحاكمة في قطر على المدى الطويل في حال استمرت».

وفي معرض التأكيد على خطورة الأزمة المتزايدة، اعترفت «قطر للبترول»، التي تديرها الدولة، بأن بعض الموظفين ذوي الأهمية الحاسمة «قد يُطلب منهم تأجيل» الرحلات إلى الخارج «لأسباب تشغيلية» بسبب الأزمة. ووصفت هذه الخطوة بأنها «تدبير محدود جداً يمكن أن يحدث في أي شركة تعمل في مجال النفط والغاز»، لضمان الإمدادات دون انقطاع للعملاء.

كما يطالب جيران قطر بتسليم جميع الأفراد المطلوبين من قبل هذه الدول الأربع، ووقف تمويل أي كيانات متطرفة تعينها الولايات المتحدة كمجموعات إرهابية؛ وتقديم معلومات مفصلة عن شخصيات المعارضة التي موّلتها قطر، سواء في المملكة العربية السعودية أو الدول الأخرى.

كما اتهمت تلك الدول الدوحة بدعم تنظيمي «القاعدة» و«داعش» في الشرق الأوسط. وتظهر هذه المجموعات أيضاً على قائمة الكيانات التي يجب على قطر قطع علاقاتها معها، إلى جانب ميليشيا حزب الله اللبناني وفرع «تنظيم القاعدة» في سورية، الذي كان يعرف سابقاً باسم «جبهة النصرة».

الحرس الثوري

وتنفي قطر تمويل أو دعم التطرف، لكنها تعترف بأنها تسمح لأعضاء بعض الجماعات المتطرفة، مثل «حماس»، بالعيش في قطر، بحجة أن تعزيز الحوار مع تلك الجماعات هو مفتاح حل الصراعات العالمية. كما تدعو المطالب قطر إلى التوقف عن منح الجنسية للمواطنين المطلوبين من الدول الأربع، وبالإضافة إلى ذلك، يجب على قطر دفع تعويضات غير محددة عن الأضرار.

وعلى نطاق أوسع، تطالب القائمة بأن تتحالف قطر سياسياً واقتصادياً مع دول مجلس التعاون الخليجي، وهي مجموعة إقليمية ركزت على مواجهة نفوذ إيران. وتتهم السعودية ودول إقليمية قطر بإقامة علاقات وثيقة بشكل غير ملائم مع إيران. وفي هذا السياق، تنص ورقة المطالب الخليجية على إغلاق المكاتب الدبلوماسية القطرية في إيران، وطرد أعضاء الحرس الثوري الإيراني، وإجراء معاملات تجارية مع طهران بشكل يتوافق مع العقوبات الأميركية والدولية. وبموجب الاتفاق النووي لعام 2015، تم تخفيف العقوبات المتعلقة بالطاقة النووية على إيران، ولكن العقوبات الأخرى لاتزال قائمة.

أرسل الحرس الثوري قواته إلى مناطق الصراع، مثل سورية والعراق. ومن غير المعروف مدى تواجده في قطر. لكن قطع العلاقات مع إيران سيكون صعباً، إذ تشارك الأخيرة قطر حقل غاز طبيعي ضخماً ومربحاً. وتوقع جرجس أن تلتزم قطر بمطالب أساسية على الأقل، مثل دعمها للمتشددين وعلاقاتها مع إيران، «كلما طال أمد الأزمة، كلما كان من الصعب إعادة دمج قطر في محيطها»، متابعاً «إن وجودها يعتمد على محيطها (الخليجي)».

إذا وافقت قطر، فإن الوثيقة الخليجية تؤكد أنه سيتم تدقيقها شهرياً في السنة الأولى، ثم كل ثلاثة أشهر في السنة التالية. وعلى مدى السنوات العشر التالية، ستتم مراقبة امتثال قطر سنوياً.

المصدر: الإمارات اليوم