عبد الله الشمري كاتب و باحث سعودي متخصص في الشؤون التركية
بعد التوقيع على اتفاق جنيف النووي بين ايران والغرب كان السؤال الأهم هو: كيف ستتأثر مكانة دول مجلس التعاون الخليجي كمنظومة على خارطة القوى الإقليمية والدولية؟ ولعل السؤال يزداد أهمية مع وجود ارهاصات ودلائل مقنعة أن الاعلان عن الاتفاق النووي سيولد أجواء من الثقة المصلحية بين المُوقعين، مما قد يمهد التوصل لاتفاق نهائي في المستقبل ليس فقط حول البرنامج النووي الإيراني،بل حول الدور الايراني في سوريا وافغانستان وربما اليمن والبحرين.
كما أن الاتفاق يأتي في توقيت غير جيد بالنسبة للعلاقات السعودية الامريكية، ولذا يمكن القول إن ما حصل في جنيف في 23 نوفمبر 2013م، مثل نهاية لمرحلة القلق الفعلي لمعظم دول الخليج من احتمال حصول تقارب دراماتيكي بين طهران وواشنطن، ونهاية مرحلة غلب على دول مجلس التعاون الخليجي ومنذ 1981م صفة «الدول الحليفة ذات القيمة الاستراتيجية».
وعودة للسؤال هل يمكن أن يكون التقارب الغربي مع إيران ذا أبعاد تتجاوز مشكلة النووي إلى تقليص وتحجيم منظومة مجلس التعاون الخليجي؟.. الاجابة: إن تحجيم دور دول مجلس التعاون هو احتمال لا يمكن الاستهانة به، خاصة إذا ما نظرنا إلى حقيقة أن الذين هندسوا هذا التقارب، هم ذاتهم حلفاء دول الخليج، والذين كانوا يشتكون من ايران منذ مدة طويلة، ويحتجون بنبرة عالية تعبر عن مدى انزعاجهم منها.. إلا أن هذا التقارب المريب لا بد وانه سيفرز جبهات جديدة. في وقت يرى الكثير أن سياسات الخليج في المنطقة لا تحمل موقفا خليجيا موحدا تجاه ايران، وهذا مما سيزيد الوضع تعقيدا.
مفاجأة ما قبل قمة الكويت كانت تصريحات معالي الوزير العُماني يوسف بن علوي في (حوار المنامة) وتصريحه «إن السلطنة ضد الاتحاد الخليجي، وانها لن تمنع الاتحاد لكن إذا حصل فلن تكون جزءا منه»، ولعل أهمية التصريح هو التوقيت، كما أن الموقف جاء من سلطنة عُمان، وهي المشهورة بالدبلوماسية المحافظة، والمعروفة بالصمت والهدوء وعدم التسرع!
وفور الاعلان شهدت صفحات (تويتر الخليجي) نقاشات غلب عليها الحدة والتشنج، ولفت انتباهي ما كتبه د.حيدر اللواتي من عُمان وقوله: «إن السلطنة ليست ضد فكرة الاتحاد ابتداء، وانما ترى أن مقدمات الاتحاد غير مكتملة حاليا، وان مشواره طويل.. وبالتالي يجب عدم الاستعجال والذهاب الى اتحاد أوله معلوم وآخره مجهول في قضية مصيرية تمس تاريخ الشعوب وحاضرها ومستقبلها وسيادتها كالاتحاد، فالاستعجال قد يؤدى للفشل والانهيار».
كيف ستنظر قمة الكويت للموقف العُماني المفاجئ؟ إن العقلانية تقول إن التنوع والاختلاف الخليجي ليس سيئا كما يُشاع، بل ربما العكس هو الصحيح، وعلى دول المجلس أن تعتبر أن الاختلافات هي ثراء سياسي يمكن استغلاله وتوجيهه لصالح المجموع الخليجي، لذا نتمنى أن تكون الرسالة العمانية رسالة عتاب كامنة لم تجد اذانا صاغية في الاجتماعات الرسمية، فتم اعلانها عبر مؤتمر سياسي غير رسمي، لذا يجب على دول المجلس محاولة سماع وجهة النظر العمانية بهدوء وعمق وصراحة، ومحاولة التغلب على تحفظات منطقية، ويجب أن تتذكر دول المجلس أن طهران ستستغل الموقف العماني جيدا كعادتها، لذا يجب قطع الطريق عليها وبسرعة.
في الختام، يبقى القول إنه ينبغي على دول المجلس أن تتأمل جيدا في قمة الكويت، وأن تفكر جيدا في تداعيات وأبعاد هذا السلام الغربي مع إيران، وما قد ينتج عنه من احتمالات تحجيمها.. من الضروري بمكان أن تفكر بشكل بنّاء وليس سلبيا!
المصدر: اليوم