قمة اللغة العربية توصي من إكسبو 2020 بميثاق إعلامي عربي يعنى بلغة “الضاد”

أخبار

وفر إكسبو 2020 دبي بيئة خصبة لمناقشة واقع اللغة والثقافة العربية خلال الدورة الافتتاحية لقمة اللغة العربية التي أقيمت برعاية كريمة من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي “رعاه الله”، حيث خرخت القمة بحزمة من التوصيات، شملت اقتراح وضع سياسات لغوية وتعيين مؤسسات مرجعية تضع التشريعات والقوانين وتطوير آليات عمل مجامع اللغة العربية، وتعزيز التنسيق بين الجوائز العربية المختلفة، كما أوصت بقرار ميثاق إعلامي عربي مشترك يعنى باللغة العربية في الإعلام وتأسيس وحدة حكومية لتعزيز المحتوى الإعلامي العربي وإنشاء لجان استشارات تخصصية: لغوية إعلامية اقتصادية تعليمية.

وأوصت القمة التي أقيمت تحت شعار “حوار المجتمعات وتواصل الحضارات” ونظمتها وزارة الثقافة والشباب بالشراكة مع مركز أبوظبي للغة العربية، بتفعيل الشراكة بين الإعلام ومراكز البحث العلمي في مختلف التخصصات الإنسانية واللغوية والعلمية وإقرار مقرر للغة العربية بكليات الإعلام وأقسامها في الجامعات العربية وتفعيل القوانين والتشريعات المتعلقة باستعمال العربية في الفضاء العام.

كما دعت إلى إنشاء مرصد عربي للكتاب، والحد من ظاهرة قرصنة الكتب والتوعية بانتهاكات حقوق الملكية الفكرية وصياغة قانون عربي مشترك لانتقال الكتب والمعرفة بين الدول العربية.

وأوصت أيضاً بتشجيع الاستثمار في النشر الإلكتروني وتطويره، والكتابة الإبداعية عبر المنصات الإلكترونية وتطوير قواعد موحدة لكتابة المحكية في الحوارات الروائية ونتشيط استخدامات الذكاء الاصطناعي في حوسبة اللغة العربية ومحركات البحث ورصد المحتوى الرقمي بالإضافة إلى رقمنة المعاجم، والمخطوطات، والموسوعات العربية، والمكتبات وتنظيم جهود الترجمة وتقوية مرجعياتها.

وأوصت القمة بتفعيل الشراكة مع الأطراف العالمية لتحقيق انتشار المحتوى العربي وإنشاء بنك عربي للمعرفة ذي سيادة استراتيجية وإنشاء مؤسسة لتعريب العلوم إضافة إلى وضع رؤى استراتيجية لتطوير مناهج تدريس اللغة العربية وتطوير اختبارات قياس المهارات اللغوية بالعربية وإعداد متخصصين في تعليم العربية كلغة أجنبية.

مستهدفات استراتيجية

وجاءت القمة انسجاماً مع المستهدفات الاستراتيجية للوزارة، وإسهاماً في ترجمة رسالة إكسبو 2020 دبي في “تواصل العقول وصنع المستقبل”، وبالتزامن مع انعقاد الدورة الثانية والعشرين لمؤتمر الوزراء المسؤولين عن الشؤون الثقافيّة في الوطن العربي.

وقالت معالي نورة بنت محمد الكعبي وزيرة الثقافة والشباب إن القمة مثّلت منصة تفاعل وحوار، بهدف الوصول إلى رؤى ومشاريع وتطلّعات مبتكرة ورصينة وجادّة لضمان تسهيل انتشار اللّغة العربيّة وتعزيز استخدامها من قبل مختلف الأطياف في المجتمعات العربية كافة، والتي تضمنت أهم مخرجاتها، إعلانَ الإمارات للغة العربية، الذي أقر المشاركون في قمة اللغة العربية مبادئه تفعيلا للعمل العربي المشترك في تمكين لغتنا وثقافتنا وهويتنا، من خلال تأكيد الإعلان على مكانة اللغة العربية كهوية مميزة للمجتمعات العربية، وأهمية تأسيس توجّه فعّال ورؤية جديدة في طرق تعليم اللغة العربية وتعلُّمها وتطوير برامج إعداد معلّميها وتعزيز معارفهم وقدراتهم، وأهمية تحسين المحتوى العربي على الإنترنت كمًّا ونوعّا.

وأضافت معاليها أن دولة الإمارات سعت إلى وضع الأطر القانونية والمواثيق التي تنظم علاقة الفرد في مجتمع الإمارات باللغة العربية، واعتبارها عنصرا رئيسا من عناصر الهوية الوطنية حيث شكّلت رؤية صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة “حفظه الله” جوهر المبادرات والجهود الحثيثة التي تبذلها الإمارات حفاظاً على اللغة العربية، وجعلها في المكانة التي تليق بها بين اللغات العالمية.

وأكدت معاليها أن قمة اللغة العربية لديها توصيات علمية جادة تشكّلُ تكليفاً بالعمل على تحقيق مستهدفاتها، ومتابعة مخرجاتها، وتشريفاً لنا جميعاً بخدمة لغة ماضينا وحاضرنا ومستقبلنا، علماً ومعارفَ، فنوناً وثقافةً واقتصاداً وتواصلاً واتصالاً، وهي لغة الأجداد والأحفاد، اللغة التي لأجلها تبنت قمة اللغة العربية طيفاً كبيراً من التوصيات، يُعمل بها تبعاً لظرف كل طرف بما يرتئيه وما يناسبه، وبما يخدم توجهاته الوطنية.”

13 جلسة

وناقشت قمة اللغة العربية خلال 13 جلسة، عدداً من الموضوعات المهمة، إذ سلطت جلسة “اللغة والثقافة ومسارات المستقبل” الضوء على واقع اللغة والثقافة العربية في عالم متغير، يتسارع فيه التحول الرقمي، وتتعاظم التحديات التي تواجهها لغتنا وثقافتنا، وناقشت أهم الجهود والخطوات التي يجب اتخاذها من أجل تصميم مستقبل جديد للغة العربية، وآليات التعاون بين الجهات المسؤولة في مختلف الدول من أجل رسم مسارات مستقبل اللغة العربية.

فيما سلطت جلسة “السياسات الوطنية للغة العربية” الضوء على ضرورة تجديد تشريعات اللغة العربية من سياسات وقوانين، واستقراء مدى تأثير التشريعات المعمول بها ونتائجها وأفضل ممارساتها عربياً، سعياً لتطوير البنى التشريعية والنصوص القانونية لتشمل جميع مجالات استخدامات اللغة وتطبيقاتها، في مواكبة مستجدات التقنية والتحول الرقمي، وصولاً إلى بلورة التشريعات الداعمة للغة العربية بوصفها لغة معارف وعلوم حديثة ومتطورة، وناقشت جلسة “الترجمة جسر للتواصل الحضاري” مواطن القوة والفرص التي تمنحها فرص التعمق في دراسة الأدب العربي وفنون اللغة وجمالياتها، إلى جانب الحديث عن الدور الكبير الذي تُؤدّيه الترجمة في تواصل الحضارات والثقافات.

التكنولوجيا والشباب

أما جلسة “اللغة العربية والتعليم” ناقشت تقرير حال اللغة العربية ومستقبلها والمقاربات الجديدة التي رصدها لتطوير مناهج اللغة العربية وسبل تعزيز هذه المقاربات وترسيخها عبر مبادرات جديدة لتطوير مناهج العربية في كافة أنحاء الوطن العربي وربطها باحتياجات المتعلمين واهتماماتهم، وتدريب المعلمات والمعلمين سعياً للتأسيس لواقع مستقبلي يعزز مكانة اللغة العربية بوصفها لغة حاضنة للهوية والثقافة والعلوم.

وتناولت جلسة “اللغة العربية والتكنولوجيا” أهم قضايا التكنولوجيا في مجالات استخدام وتعليم اللغة العربية وبرمجتها، متناولةً رقمنة المحتوى العربي كقضية رئيسية وانشغال يومي، في ظل تحدي تنافسية المحتوى في الفضاء الرقمي خاصةً، كما طرحت الجلسة رؤى المتخصصين في الاستخدام الأجدى للغة في التواصل الاجتماعي والإعلامي وصناعة المحتوى، بينما تناولت جلسة “المحتوى العربي على الإنترنت: التحديات والفرص” الفضاء الرقمي، الوسيط الأكثر تأثيراً والأسرع وصولاً للأفراد في مختلف المجتمعات، ومثلما استفادت اللغة العربية من الإمكانات التقنية الهائلة التي تتيحها شبكة الإنترنت بدرجة معينة في تعزيز مكانتها، فإنها تواجه حزمة من التحديات التي تحد من استفادتها القصوى من قواعد البيانات المفتوحة ووسائط النشر الإلكترونية والأنماط التفاعلية. والجلسة تسلط الضوء على التحديات والفرص الكامنة في حضور المحتوى العربي على شبكة الإنترنت وفعاليته، وكيفية استغلالها لتعزيز انتشار اللغة العربية وتمكينها.

وأشارت جلسة “علاقة الشباب باللغة العربية” إلى ضعف علاقة الشباب العربي باللغة العربية، وسلط هذه الجلسة الضوء على العلاقة بين الشباب العربي ولغته الأم، من حيث مناقشة واقع هذه العلاقة في سبيل التأسيس لعلاقة جديدة في المستقبل.

واستضافت القمة جلسة إطلاق 100 كتاب وكتاب لمركز أبوظبي للغة العربية، ونقاش التوأمة بين اللغة العربية والفنون، وحضور العربية في أصول معاجم عديد اللغات العالمية.

فيما التقى معلمو اللغة العربية في جلسة خاصة، تمحورت حول قضايا تعليم العربية في المجتمعات الناطقة بها وبغيرها، بحضور معلمين من عدد من الهيئات في الدولة، وسلطت الضوء من خلال تجارب شخصية ملهمة للكوادر التعليمية في تعاطيهم مع أولويات وأنماط تفكير الطلبة، وما يطمحون إلى تحقيقه من أهداف في مضمار اللغة العربية التي ينخرطون في مساقاتها الأكاديمية، كما استعراضت أهم أساليب وطرق التدريس.

يشار إلى أن قمة اللغة العربية تُشكل مرجعية دولية للغة العربية، وتُعزز حضورها وثقافتها وآدابها وفنونها، وتقدم مقاربة جديدة تساعد في تطوير أساليب استخدام اللغة العربية وتمكينها كوسيلة للتواصل واكتساب المعرفة، كما تشكل حدثاً معرفياً وثقافياً يجمع تحت مظلة واحدة خبراء اللغة في جميع المجالات، لرسم مستقبل العربية بناء على القراءة الدقيقة للتحديات الحالية.

المصدر: البيان