رئيس تحرير صحيفة الإمارات اليوم
هناك الكثير من القرارات التي تتخذها الجهات الحكومية الخدمية، تمسّ بشكل مباشر المواطن، بل في كثير من الأحيان هي أشياء تمسّ حياته اليومية، ورغم ذلك فإن اتخاذ القرار يتم عبر موظفين أو مسؤولين محدودين في تلك الجهات، ولا أحد يختلف في كونهم الأقدر على اتخاذ القرارات، خصوصاً إن كانت مختصة بتفاصيل عملهم، إلا أن ذلك لا يمنع من إشراك أفراد المجتمع في بعض القرارات التنظيمية، فلربما تكون لديهم آراء تفيد الجهات والمؤسسات، أو ربما يحصلون منهم على معلومات كانت غائبة عنهم، وبكل تأكيد استشفاف رأي الناس، أو ما يعرف بالرأي العام، لن يكون مضرّاً أبداً!
هناك جهات تفعل ذلك، لكنها للأسف تتبع طرقاً غير علمية، لذلك فهي تجني في المقابل آراء غير حقيقية، حيث بدا واضحاً في الآونة الأخيرة لجوء بعض الجهات إلى تسريب بعض المعلومات في وسائل التواصل الاجتماعي، كي تراقب ردود الأفعال، ومن ثمّ ترسم صورة عامة لمدى قابلية المجتمع لتقبّل قرار ما أو رفضه، وبغض النظر عن مدى دقة اعتبار وسائل التواصل الاجتماعي مؤشراً لقياس الرأي العام، مع التأكيد على أنها وسيلة انتشار جيدة، وتغطي فئات كثيرة من المجتمع، إلا أنه لا يمكن اعتبار هذه الطريقة علمية، وتالياً فإن نتائجها بكل تأكيد غير دقيقة.
الوسائل كثيرة، وهناك طرق علمية معروفة في قياس الرأي العام، وعلم الإدارة تطور كثيراً في هذا المجال، وهناك الكثير من أدوات القياس الدقيقة والمعروفة، التي تمثل فئات المجتمع تمثيلاً واقعياً صحيحاً، والتي يمكن الاعتماد عليها، والوصول إلى متوسط أو معدل آراء حقيقية وصحيحة، بالتأكيد يمكن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، لكن بطريقة أفضل من طريقة التسريبات، لأنها حتماً لن تنقل الصورة الواقعية الحقيقية، حيث الفرق الكبير بين وجود خبر، أو قرار متداول بطريقة غير معروفة، وبين خبر أو قرار تطلقه جهة معروفة، وتريد معرفة ردود أفعال الناس عليه، كما أن هناك فرقاً شاسعاً بين تعليق الناس على قرار أو خبر في موقع عام ومفتوح، فيه كثير من التأثيرات، وبين الحصول على آرائهم الحقيقية بشكل خاص!
أنا لا أتحدث هنا عن جميع القرارات، فلكل جهة حكومية الحق في ممارسة اختصاصاتها وعملها، وفقاً للدور المطلوب منها، وبالتأكيد هناك من يحاسبها ويراقبها، ولا يعقل أبداً طلب رأي الناس في كل قرار تريد الجهات الحكومية تطبيقه، هذا أمر أشبه بالمستحيل، لكنّ هناك أموراً تتعلق بتفاصيل حياة الناس، وتالياً فلا أعتقد أبداً أنه يوجد مانع من الاستئناس بآرائهم على أقل تقدير!
المصدر: الامارات اليوم