كاتب إماراتي
«كثر شاكوك وقل شاكروك، فإما اعتدلت وإما اعتزلت»، قالها عمر بن عبدالعزيز في خطابه إلى والي الحجاز قبل قرون مضت، وفي السياق نفسه تأتي تغريدة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، لتحرك المياه الراكدة في الوزارات والمؤسسات الاتحادية.
تغريدة الشيخ محمد، التي تحدث فيها عن مستوى الرضا الوظيفي وتدنيه في بعض الجهات، تعني ألا يقتصر التميز على الخدمات المقدمة إلى الجمهور فحسب، بل هناك الشريك الآخر في هذا التميز، المتمثل في الموظفين، ومتى ما كانت نسبة الرضا الوظيفي عالية، فإن ذلك يجعل بيئة العمل مشجعة على الإبداع والتميز، وما غير ذلك يجعلها مرتعاً للموظفين المحبطين.
نسمع عن بعض الممارسات لشخصيات في مواقع رسمية، تبرع في «تطفيش» المواطنين، وتدفع بالعديد منهم إلى تقديم استقالاتهم، بسبب التعامل الفظ أو الاستعلائي، وعدم إعطاء الموظف أي فرصة للإبداع، وغياب الحوافز والترقيات، والتعاقد مع خبراء أجانب برواتب كبيرة، فيصير هؤلاء «الخبراء» أصحاب القرار، بمباركة وتخويل من تلك الشخصيات.
هذه الشخصيات نفسها، لا تتوانى عن استخدام أسلوب التهديد للموظفين، فيقول بعضهم «الذي لا يعجبه المكان فليتقدم باستقالته غير مأسوف عليه».
في الجهات التي يعمل بها مثل هؤلاء العديد من الشواغر الوظيفية، إلا أنهم لا يستثمرونها في تطوير رأس المال البشري المواطن، الذي يعد الثروة الحقيقية في الدولة، كما أكد على ذلك قادتنا في الكثير من المناسبات، بل على العكس، يتم إحباط الموظفين أحياناً بعدم ترقية من يستحق منهم، وأحياناً أخرى بعدم استقدم أصحاب الكفاءة للعمل في هذه الوظائف، خلافاً لمتطلبات التوطين الفعلي المنشود. وفي بعض الدوائر تبدو نسب التوطين عالية، نظراً إلى أن عدد المواطنين فيها كبير، بينما فعلياً يتم التعاقد مع شركات، بعقود كبيرة، لتسد الفراغ بالموظفين الأجانب، الذين يحصلون على رواتب عالية، ويعملون في الباطن لمصلحة تلك الجهات.
هناك من يعتقد أن المنصب الحكومي من أملاكه الخاصة، فيطغى ويتكبر، ويتعامل بفوقية مع بقية الموظفين، فتكون نتيجة الأداء كارثية، وهناك من يثبت أن القيادة والإدارة فن رفيع، فيجعل من الموظفين شعلة من النشاط والإبداع الذي لا يتوقف، فالفرق كبير جداً، فالأول فاشل كبير، والثاني ناجح بامتياز.
المصدر: الإمارات اليوم