أشاد الرئيس الأميركي باراك أوباما بالملاكم الأسطورة محمد علي كلاي الذي «قاتل من أجل الحق»، ليس داخل الحلبة وحسب بل خارجها أيضاً، واعتبر أن محمد علي «قاتل من أجلنا»، مضيفاً: «معركته خارج الحلبة كلفته لقبه ومكانته. خلقت له الأعداء يساراً ويميناً، وجعلته منبوذاً، وكادت ترسله إلى السجن. لكن علي تمسك بموقفه ونصره ساعدنا التعود على أميركا التي نعرفها اليوم».
وادخل محمد علي الذي يعاني منذ ثمانينيات القرن الماضي من داء باركينسون، الخميس إلى مستشفى في فينيكس، حيث يقيم مع زوجته الرابعة لوني، لمعالجته من مشكلات تنفسية.
توفي أسطورة الملاكمة محمد علي كلاي في مستشفى في ولاية أريزونا جنوب غرب الولايات المتحدة، حسبما قالت عائلته أمس الأول ، مشيرة إلى أنه كان يتلقى العلاج من مضاعفات في الجهاز التنفسي وأن مرض الشلل الذي عانى منه على مدى أكثر من 30 عاماً ساهم في تدهوره البدني حتى رحيله الجمعة عن عمر ناهز 74 عاماً.
وفاز كلاي بلقب بطل العالم للملاكمة للوزن الثقيل 3 مرات، قبل أن يعتزل العام 1981. وولد محمد علي باسم كاسيوس كلاي في 17 يناير 1942 في لويزفيل في ولاية كنتاكي، وفاز بالميدالية الذهبية الأولمبية في وزن خفيف الثقيل، ودخل عالم الاحتراف بعد فترة وجيزة.
وفي سن الـ22، هزم بطل الوزن الثقيل سوني ليستون في مباراة سريعة ومذهلة، ثم اعتنق الإسلام وأصبح اسمه محمد علي ورفض علناً اسمه السابق، وأصبح شخصية محورية كممثل لحركة الحقوق المدنية في الولايات المتحدة، وكرمز لمقاومة حرب فيتنام، عندما رفض التجنيد في الجيش، وقال: «لست في نزاع مع الفيتناميين.. لم يطلق علي أي فيتنامي اسم زنجي».
وأدين بعد ذلك بالتهرب من الخدمة العسكرية، وتم تجريده من لقبه كبطل للعالم في الملاكمة، لكنه طعن على القرار حتى وصل إلى المحكمة العليا التي نقضت الحكم في العام 1971، وعاد بعد ذلك للفوز مجدداً باللقب قبل أن يخسره مرتين.
وكانت وسائل الإعلام العالمية سواء الصحف الأميركية أو وكالات الأنباء وغيرها قد تفاعلت باهتمام لافت مع تفاصيل الساعات الأخيرة من حياة الأسطورة الراحل، فقد أكد بوب جونيل الناطق باسم عائلة بطل الملاكمة السابق أن «محمد علي كلاي توفي عن 74 عاماً بعد صراع مع داء باركنسون دام 32 عاماً». وأضاف: جنازة بطل العالم في الوزن الثقيل ثلاث مرات ستنظم في مسقط رأسه لويفيل في ولاية كنتاكي، من دون أن يحدد أي موعد.
وتابع أن عائلة محمد علي كلاي «تريد التعبير عن شكرها لكل الذين رافقوها في أفكارها وصلواتها ودعمها وتطلب احترام حياتها الخاصة»، وأدخل كلاي الذي يعاني منذ ثمانينيات القرن الماضي من داء باركنسون، الخميس إلى مستشفى مدينة فينيكس في ولاية أريزونا حيث يقيم مع زوجته الرابعة لوني، لمعالجته من مشاكل تنفسية.
من جهته ذكر موقع رادار-أون-لاين الإلكتروني المتخصص بأخبار المشاهير أن عدداً من بنات محمد علي كلاي حضرن بسرعة إلى مستشفى فينيكس. وكان محمد علي كلاي أدخل المستشفى مرتين في نهاية 2014 وبداية 2015 بسبب إصابته بالتهاب رئوي والتهاب في جهاز البول.
أطل على العالم بعقله لا بقبضته
الأسطورة: كاسيوس عبودية.. ومحمد رمز الحرية !
قبضة اليد القوية لا تعني عقلاً فارغاً، هذا ما تجسده شخصية النجم الأسطوري الراحل محمد علي كلاي الذي يقول عنه البعض إنه ليس الملاكم الأفضل في التاريخ، بل هو الرياضي الأعظم في تاريخ الإنسانية، خاصة أن الأمر لا يرتبط بانتصاراته في عالم الملاكمة، بل للأمر أبعاد أخرى تتعلق بانتصاره للمقهورين والمستضعفين في المجتمع الأميركي والعالم في فترة بعينها على المستويات كافة سياسياً واجتماعياً ودينياً.
اشتهر محمد علي كلاي بالقدرة على الحديث عن نفسه، فقد كان لديه شغف كبير بنشر أفكاره الخاصة، وبدا وكأن الملاكمة ما هي إلا نافذة يطل منها على العالم بعقله وليس بقبضة يده، وقال ذات مرة لأحد الصحفيين «اكتشفت أن البسطاء لا يحصلون على الكثير». ومن بين أشهر أقواله اعترافه بأنه لا يحب اسمه الأصلي كاسيوس كلاي، لأنه كما يرى لم يكن من اختياره وهو يراه اسماً يرمز إلى العبودية، في حين يؤكد أن اسمه الذي اختاره بعد اعتناق الإسلام، وهو محمد علي، يرمز للحرية والتحرر من قبضة العبودية، كما أنه يعني أن الله يحبه.
ومن أقواله الخالدة التي تستنهض روح العزيمة والإصرار: «المستحيل كلمة كبيرة ألقيت في طريق الرجال الصغار الضعفاء الذين يجدون أن مجرد العيش في هذا العالم دون حراك أسهل كثيراً من اكتشاف قواهم الداخلية التي يمكنهم بها أن يغيروا العالم، المستحيل ليس حقيقة، المستحيل مجرد رأي، المستحيل لا وجود له، إنه لا شيء». وتحدث كلاي بكل فخر قبل إحدى معاركه الشهيرة في عالم الملاكمة عن قدراته الخاصة، وعلى رأسها السرعة، فقال: «ليلة أمس في غرفتي في الفندق تمكنت من إطفاء الضوء، وهرعت إلى فراشي بسرعة البرق قبل أن أشعر بالظلام»، كما أن كلاي اشتهر بالقول الأكثر حضوراً في أذهان الجميع حينما قال: «أحلق مثل الفراشة وألدغ مثل النحلة».
وعلى مستوى المواقف الإنسانية لا ينسى العالم موقفه من الحرب الأميركية على فيتنام، فرفض المشاركة في هذه الحرب، قائلاً: «ليس لدي نزاع مع الفيتناميين، لم يسبق أن نعتني الفيتناميون بالرجل الزنجي».
وربما كانت تعبيراته الساخرة لاذعة. وقال في إحدى المرات: «جو فريزر قبيح لدرجة أنه عندما يبكي تستدير دموعه وتنهمر من مؤخرة رأسه»، ووصف فريزر أيضا بأنه «غوريلا» لكنه اعتذر فيما بعد وقال إن هذا كله كان لمجرد الترويج إعلامياً للمباراة.
وحينما تلقى سؤالاً ذات مرة عن الإرث الذي يتمنى أن يتركه قال: «أود أن يتذكرني الناس كرجل فاز ببطولة الوزن الثقيل 3 مرات»، وكان يتمتع بروح الدعابة وكان يعامل الجميع على النحو الملائم.
أزاح السياسيين ورجال الاقتصاد وجميلات الفن
«تسونامي كلاي» يضرب عــــــــــــناوين الصحف العالمية
«رحل الرياضي الأفضل في التاريخ»، بهذا العنوان وغيره تفاعلت الصحف العالمية مع خبر رحيل الأسطورة محمد علي كلاي عن عمر يناهز 74 عاماً. واللافت في الأمر أن التفاعل الصحفي العالمي لم يكن قاصراً على الصفحات الداخلية، بل تصدر واجهات الصحف العالمية، ليزيح في طريقه رجال السياسة ووجوه الانتخابات الأميركية، ورجال الاقتصاد وجميلات الفن.
صحيفة «الصن» اللندنية عنونت: «رحيل محمد علي.. الملاكم الأعظم في التاريخ يخسر مباراته الأخيرة مع مرض الباركينسون عن عمر 74 عاماً»، ونقلت الصحيفة نعي جورج فورمان أحد أشهر نجوم الملاكمة على مر العصور الذي قال إن الجزء الأغلى والأعظم منه قد رحل، في إشارة إلى أن كلاي كان مقرباً من روحه وقلبه.
أما صحيفة «ميرور»، فقد نشرت تقارير عدة عن مسيرة ومشوار كلاي، خاصة السنوات الأخيرة التي شهدت وقوف زوجته له في محنته المرضية، ونقلت نعي دافيد بيكهام نجم الكرة الأشهر في إنجلترا، والذي نشر صورة له مع كلاي، ومعها التعليق الأشهر للأسطورة الراحل: «المستحيل لا وجود له.. المستحيل لا شيء»، ونقلت كذلك كلمات الفنانة الأميركية الشهيرة مادونا، والتي كتبت قائلة: «هذا الرجل هو الملك، هو البطل، هو الإنسان، لا توجد كلمات تكفي للتعبير عن صدمة العالم جراء رحيله».
أما صحيفة «دايلي ميل»، فقد شاركت ابنته «هنا» في نعيها الأب، حيث قالت: «رحلت الروح الجميلة، رحل الجبل المتواضع» في تعبير يؤكد المكانة الكبيرة للأسطورة كلاي، وهي المكانة التي لم تجعله يشعر بتضخم الذات، بل ظل على تواضعه، وأضافت الصحيفة: «أعظم ملاكم في كل العصور يرحل بعد معركة مع المرض استمرت 32 عاماً».
في حين قالت صحيفة «التلجراف»، إن مباريات محمد علي كلاي كانت ولا تزال الحدث الرياضي الأكثر جاذبية في العالم، ونقلت أشهر أقوال الملاكم الأسطوري الراحل، وعلى رأسها: «إذا حلمت يوماً بالانتصار علي، فيجب عليك أن تنهض من نومك لكي تعتذر»، في حين عنونت «الجارديان»: «محمد علي.. الأعظم يرحل عن 74 عاماً».
أما صحيفة «إندبندنت» فعنونت: «الأسطورة محمد علي يرحل عن 74 عاماً».
وفي صحافة الولايات المتحدة، كان لرحيل كلاي نصيب الأسد في تغطيات وتفاعلات الصحف، فقد جاء على صدر صحيفة «نيويورك تايمز»: «عملاق القرن الـ 20 يرحل»، وفي التفاصيل أشارت إلى أنه كان الأكثر امتلاكاً للجاذبية والكاريزما والقدرة على التسويق لعالم الرياضة بشكل عام وليس الملاكمة فحسب، أما صحيفة «واشنطن بوست» فقالت: «ورحل أيقونة الملاكمة وسفير النوايا الحسنة العالمي محمد علي كلاي». «رحيل الأسطورة»، كان عنواناً لصحيفة «آس» الإسبانية، فيما عنونت «سبورت» الكتالونية: «أسطورة تغادرنا»، وخصصت «ماركا» أكثر من 5 تقارير عن مسيرته وأشهر منازلاته، وبعض الصور التي تجسد مسيرته، ونعي العالم له، وغيرها من التقارير التي تسلط الضوء على الأيقونة بعد رحيله.
وفي فرنسا، أشارت «ليكيب» إلى أن العالم بأسره لم يسبق له نعي رياضي راحل كما تفاعل مع محمد علي كلاي، مشيرة إلى أن لقبه الأشهر هو «الرياضي الأعظم في التاريخ»، ونقلت «فرانس فوتبول» بدورها كلمات الوداع التي قالها نجوم الساحرة عن رحيل كلاي، وعلى رأسهم بيليه الذي قال إن خسارة العالم وخسارته هو شخصياً كبيرة برحيل صديقه وقدوته في عالم الرياضة محمد علي كلاي. بدورها عنونت «دي فيلت» الألمانية: «وداعاً الأجمل والأفضل والأكبر»، وأشارت إلى أنه لم يكن مجرد ملاكم، بل شخصية جذابة بصورة لا يمكن تخليها داخل ميادين التنافس الرياضي وخارجه، وكانت تصريحاته أقرب ما تكون إلى الشفرة الحادة، خاصة حينما يتعلق الأمر بالقضايا العادلة.
هزاع بن زايد:
قامة إسلامية وإنسانية وحضارية
نعى سمو الشيخ هزاع بن زايد آل نهيان نائب رئيس المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي أسطورة الملاكمة محمد علي كلاي في تغريدة على تويتر جاء فيها: «قامة إسلامية وإنسانية وحضارية كبرى رحلت عن عالمنا بعد أن تركت بصمات ملهمة، رحم الله محمد علي كلاي».
العالم ينعى البطل بالدموع
كلينتون: رحل مزيج القوة والجمال والرشاقة
تفاعل السياسيون والمشاهير في شتى المجالات مع وفاة الأسطورة محمد علي كلاي الذي يعد رمزاً ليس في مجال الرياضة أو لعبة الملاكمة فحسب، بل هو أحد رموز مرحلة تاريخية مهمة شهدت الكثير من التحولات السياسية والاجتماعية، الأمر الذي جعله واحداً من أهم الرياضيين في التاريخ سواء في ميادين الرياضة أو خارجها. دونالد ترامب مرشح الرئاسة الأميركية عن الحزب الجمهوري، قال: «توفي محمد علي عن 74 عاماً، كان بطلا عظيما فعلا وشخصا رائعا. سيفتقده الجميع»، أما هيلاري كلينتون مرشحة الحزب الديمقراطي وزوجها الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون فقد قالا في بيان مشترك: «منذ اليوم الذي فاز فيه بالميدالية الذهبية في أولمبياد روما 1960 أدرك مشجعو الملاكمة حول العالم أنهم يشاهدون مزيجا من الجمال والرشاقة والسرعة والقوة والذي ربما لا يتكرر مرة أخرى».
أما آدم سيلفر رئيس رابطة دوري كرة السلة الأميركي للمحترفين فقال: «تجاوز محمد علي حدود الرياضة وذلك بفضل شخصيته العملاقة والتزامه الدفاع عن الحقوق المدنية والدعوة إلى تحقيق العدالة الاجتماعية». في نعي داعية الحقوق المدينة القس آل شاربتون المقيم في نيويورك عبر تويتر، غرد قائلاً: «محمد علي كان دائماً وسيظل الأعظم، بطل حقيقي داخل الحلبة وخارجها».
في حين قال القس جيسي جاكسون داعية الحقوق المدنية الأميركي عبر تويتر: «دعونا نصلي وندعو لمحمد علي، بطل العالم في الملاكمة ورائد الإصلاح الاجتماعي المناهض للحروب، إنه الأسطورة الأعظم»، وأشار بطل الملاكمة السابق روي جونز عبر تويتر إلى أن هناك حزنا كبيرا في قلبه لكنه راض ومرتاح لأن الملاكم الأعظم يرقد في سلام في المكان الأعظم. أما الملاكم الشهير جورج فورمان منافس محمد علي السابق، فقد قال: «محمد علي كان واحداً من أعظم الأشخاص الذين التقيت بهم طوال حياتي. وبالتأكيد كان واحداً من أفضل الناس في عصره. من غير المنصف اعتباره ملاكما فقط، وقالت بيرنيس كينج ابنة داعية الحقوق المدنية الأميركي الراحل مارتن لوثر كينج:« كنت بطلاً على الكثير من الأصعدة وفي العديد من المجالات، قاتلت جيداً، لتسترح في سلام جيداً».
بدوره قال بطل الملاكمة الشهير فلويد مايويذر:« لن نرى محمد علي آخر، مجتمع السود حول العالم وكل السود حول العالم في حاجة إليه، كان صوتنا، هو صاحب الصوت الذي بسببه أتواجد في مكاني اليوم.«أما مروج الملاكمة دون كينج، فقد عبر عن حزنه الشديد بقوله:« إنه يوم حزين،أحببت محمد علي وكان صديقي، علي لن يموت أبداً وستبقى روحه حية تماما مثل مارتن لوثر كينج».
الملاكم والسياسي الفلبيني ماني باكياو بدوره قال:«فقدنا عملاقاً. استفادت الملاكمة من مواهب محمد علي لكن البشر استفادوا من إنسانيته بصورة أكبر بكثير».، والملاكم أوسكار دي لاهويا بطل العالم السابق غرد عبر تويتر:« أسطورة تجاوز حدود الرياضة، وكان بطلا فعليا بالنسبة للجميع».
المصدر: الإتحاد