كاتب في صحيفة الشرق السعودية
كانت مديرة مكافحة العدوى في الشؤون الصحية في الحرس الوطني واضحة وصريحة وهي تجيب على الأسئلة الدقيقة التي وجهها الزميل يوسف الكهفي في الحوار الذي نشرته جريدة الشرق يوم 20-8-2015 فهي اعترفت في صراحة نادرة عند المسؤولين الصحيين بتفشي المرض في مستشفى الحرس الوطني بالرياض وأنه تحول إلى بؤرة لانتشار المرض وأن الإجراءات التي اتخذت من إغلاق للعيادات والطوارئ والعمليات كانت ضرورية للسيطرة على العدوى. وفي اليوم التالي للحوار أصدرت منظمة الصحة العالمية تقريراً مفصلاً عن تفشي حالات المرض في السعودية وذكرت بالتفصيل التاريخ المرضي لـ 19 حالة يعتقد أنها أصيبت بالعدوى من ذات المستشفى وأصدرت توصيات محددة بضرورة التزام المستشفى بمعايير الوقاية الشخصية للعاملين الصحيين وكذلك توصيات بأهيمة تتبع المرضى المخالطين وفحصهم لوقف انتشار المرض. كذلك أوصى التقرير بضرورة تجنب سكان المملكة مخالطة الحيوانات وخصوصاً الإبل والامتناع عن تناول حليبها مباشرة دون تعقيم والامتناع عن شرب أبوالها أو أكل لحومها دون طبخ جيد.
ما الجديد في الأمر؟ تبدو الصورة كأنها إعادة مطابقة تماماً لسيناريو انتشار المرض قبل ثلاثة أعوام وما صاحبه من قلق عالمي واستنفار انتهى بإزاحة الدكتور الربيعة عن كرسي وزارة الصحة في ذلك الوقت وتنصيب الوزير عادل فقيه بالنيابة، الذي بدأ أول يوم في وزارته بزيارة ميدانية لمستشفى الملك فهد بجدة التي كانت بؤرة لتفشي المرض في ذلك الوقت.
حسناً، ما الذي جرى بعدها؟ ولماذا مازلنا بعد ثلاث سنوات من اكتشاف المرض نعاني من ذات المشكلة ونتلقى ذات التوصيات والنصائح ويصاب العالم كله بالقلق من ضعف سيطرتنا على المرض؟
لماذا تنجح دول أخرى في السيطرة الفعالة والسريعة كما فعلت كوريا الجنوبية التي انتشر فيها المرض سريعاً وسجل أكثر من 180 إصابة في وقت قياسي ولكنها خلال ثلاثة أشهر فقط أعلنت خلو البلاد من المرض وتوقف تسجيل حالات جديدة وسط إشادة دولية من منظمة الصحة العالمية ذاتها؟
أين ذهبت جهود اللجان والاجتماعات وزيارات الخبراء الدوليين والبحوث والدراسات التي أُنفق عليها الملايين وتم تغيير رأس الهرم الإداري في الوزارة لأجلها؟
كم بحثاً ودراسة علمية موثقة نتجت عن ذلك الضجيج، وكم منها أخذ طريقه للتطبيق الفعلي على أرض الواقع؟
الإجابة على تلك الأسئلة تفتح ملفات كثيرة يصعب تناولها دون الشعور بكثير من المرارة والألم على ما آلت إليه منظومة وأهداف الرعاية الصحية ككل في البلاد، التي أصبحت مع الأسف ضحية الصراعات والتغييرات الإدارية، تلك الصراعات التي استهلكت كثيراً من الوقت والجهد ودفعت بملفات مهمة وحساسة لزوايا الإهمال والتضارب، لينتج عنها الفشل ومراوحة المكان تماماً كما يحصل الآن في التعامل مع فيروس كورونا.
ذات السؤال وجهه الزميل يوسف الكهفي لضيفته حين قال «مرَّ ما يقرب من 3 سنوات على ظهور المتلازمة في المملكة، وكانت وزارة الصحة تحدثت عن أبحاث وخبراء للمواجهة.. أين نتائج هذه الأبحاث؟ لماذا لم تثمر حتى الآن؟».
وكانت إجابة الدكتورة حنان بلخي مديرة مكافحة العدوى في وزارة الحرس الوطني معبرة جداً وبليغة جداً رغم أنها شديدة الاختصار إذ ردت بكلمة واحدة
– «لا تعليق»!
ترى من الذي يملك التعليق؟
المصدر: الشرق