«كورونا» ينتشر بسهولة في المستشفيات ويتنقل بين 5 أشخاص

أخبار

في تقرير طال انتظاره حول الإصابات التي وقعت في السعودية بسبب المرض التنفسي الناتج عن فيروس كورونا، أو ميرز MERS كما يعرف الآن، قال باحثون: “هذا الفيروس أشبه بفيروس سارز من أي شيء آخر”، مؤكدا أن الفيروس ينتشر بسهولة ضمن المستشفيات، وفي مرحلة معينة انتقل من شخص لشخص في سلسلة تتألف على الأقل من خمسة أجيال من الانتشار (أي أنه انتقل من الأول إلى الثاني، ثم انتقل منه إلى الثالث، حتى وصل إلى الخامس).

وشاركت في إعداد الدراسة الدكتورة أليسون ماكجرير، الخبيرة في فيروس سارز في تورونتو التي زارت المنطقة الشرقية الشهر الماضي منتدبة من منظمة الصحة العالمية في جنيف، وذلك ضمن فريق طبي كندي.

وتلمح الدراسة إلى أن من الممكن أن يكون هناك شخص حامل للمرض هو الذي تسبب في انتشار العدوى، وأن شخصاً واحدا أدى إلى إصابة سبعة أشخاص آخرين على الأقل.

ونشر التقرير على الإنترنت أخيرا على موقع مجلة نيو إنجلاند الطبية، ويوضح أن الأشخاص الناقلين للعدوى لعبوا دوراً رئيسياً في تضخيم حالات سارز خلال اندلاعه في عام 2003.

وهذا، إضافة إلى الأعراض الذي ظهرت على الأشخاص حين يصبحون مرضى والفترة الطويلة والمتغيرة لحضانة المرض، يرسم صورة تذكر المؤلفين بمرض سارز، حيث كان يعمل بعضهم، مثل الدكتورة ماكجرير، في تورونتو لاحتواء المرض في ذلك الحين.


د. ماكجرير

في مقابلة أجريت في القاهرة، حيث كانت تشارك في مؤتمر لمنظمة الصحة العالمية حول ميرز الأربعاء الماضي، قالت ماكجرير، وهي مختصة بمكافحة العدوى في مستشفى جبل سيناء في تورونتو: “هذا الفيروس أشبه بفيروس سارز من أي شيء آخر”، وماكجرير سبق لها أن زارت السعودية في أيار (مايو)، حيث كانت في مهمة لمنظمة الصحة العالمية إلى السعودية في وقت مبكر من هذا الشهر.

وأضافت: “إذا كنتَ تريد التفكير في كيفية الحؤول دون اندلاع الوباء في المستشفيات وكيفية إدارة الحالات، فإن سارز هو المكان الذي ينبغي أن نبدأ منه جميعا”.

وقالت ماكجرير إن هناك بعض الاختلافات الجيدة لصالح “ميرز”، منها أن عدد العاملين الصحيين المصابين أقل من سارز، وهناك بعض الاختلافات المثيرة للقلق، وقوة الهجوم العالية بين المرضى كانت “مثيرة للإحباط بصورة كبيرة”، كما أن المريض يكون معدياً لغيره في مرحلة مبكرة من مرضه أكثر من مرضى سارز.

وأوضحت أنه إذا كان ميرز يسبب العدوى في مرحلة مبكرة من الإصابة به “فإن هذا أمر سيئ، وإذا كانت هذه الملاحظة صحيحة، فهي تعتبر تحدياً حقيقياً، لأن التعرف على الحالات في مرحلة مبكرة سواء مع سارز أو ميرز هو أمر صعب فعلاً”.


(“الاقتصادية” 24/5/2013)

وهناك أطباء آخرون استطاعوا رؤية أوجه التشابه مع “سارز” استناداً إلى النتائج التي توصل إليها الباحثون في التقرير الأخير، حيث يقول الدكتور مايكل أوسترهولم، الخبير بالأمراض المعدية، وكان يتابع حالات ميرز عن كثب: “من الواضح أنه فيما يتعلق بـ “سارز” فإن بيئة الرعاية الصحية هي عامل خطر لا يستهان به من حيث استمرار انتشار المرض”، مضيفا: “إذا لم تتم معالجة المرضى على الفور وبأقصى درجة من ضبط العدوى، فأتوقع وجود فصول أخرى خارج الشرق الأوسط”.

ويعمل أوسترهولم مديرا لمركز أبحاث الأمراض المعدية في جامعة منيسوتا، وقال إنه حين وصلت حالات غير مشخَّصة إلى بلدان أوروبا، كانت المستشفيات سريعة نسبياً في اتخاذ إجراءات الوقاية من انتشار المرض، ومع ذلك أدت الحالات المستوردة إلى انتشار إصابات أخرى في بريطانيا وإيطاليا وتونس وفرنسا، حيث انتهت أحداث انتقال العدوى بعد جيل أو جيلين من الانتشار بسبب الإجراءات التي اتُّخِذت لعزل المرضى.

وأوضح أوسترهولم: “الموضوع الذي نخشاه جميعاً هو ما سيحدث لو دخل الفيروس إلى بلد لا يتمتع بالمستوى نفسه من قدرات مكافحة العدوى في بيئة الرعاية الصحية”.

ويشعر الخبراء بالقلق من تجمعات ملايين الحجاج والمعتمرين من مختلف أنحاء العالم إضافة إلى العمال الأجانب، حيث يمكن أن تؤدي إلى انتشار ميرز إلى أجزاء من العالم، إذ إن السعودية وهي واحدة من أربع دول انتشر فيها ميرز.

وتعطي الدراسة تفاصيل 23 حالة في الأحساء أصيبت في الفترة من الأول من نيسان (أبريل) و23 أيار (مايو)؛

لكنها لا تقول إن كان المرض قد انتهى من الأحساء.

أحد معدي الدراسة هو الدكتور زياد ميمش، وكيل وزارة الصحة السعودية، وقد أعطى عدداً قليلاً للغاية من المقابلات بخصوص موضوع “ميرز”، ولم يرد على رسالة إلكترونية من وكالة الأنباء الكندية تطلب فيها مقابلة بخصوص المقال الطبي ووضع الإصابات في الأحساء؛ لكن في الأسابيع التي تلت 23 أيار (مايو) أعلنت وزارة الصحة 16 إصابة أخرى إحداها من المنطقة الشرقية.

ولم تذكر بيانات وزارة الصحة إن كانت هذه الحالات الجديدة جزءاً مما وقع في المستشفيات، وهناك احتمالات أخرى بأن مرضى الإصابات الجديدة التقطوا العدوى من مصدرها الذي لم تعرف طبيعته حتى الآن، أو من الممكن أنهم أصيبوا من أناس آخرين مصابين خارج المستشفيات.

وتواصل ماكجرير الحديث في تقريرها أنها لا تعلم إن كانت أي من الإصابات الجديدة بعد 23 أيار (مايو) من الأحساء، كذلك لا تعلم إذا كان المرض قد انتهى، لكنها حذرت من فترة حضانته الطويلة مثل ميرز، إذ يمكن أن تصل إلى 15 يوماً في بعض الحالات، فيحتاج إلى فترة طويلة للتأكد من اختفائه التام.

ولم تستبعد إمكانية أن تكون سلاسل الانتقال ربما تمتد الآن إلى ما وراء خمسة أجيال، ويشير هذا النوع من الانتشار المتصل إلى أن الفيروس لا يجد صعوبة في الانتقال من شخص لآخر في حال توافر البيئة المناسبة للإصابة.

فيما تقول الدكتورة تريش بيرل الخبيرة في مكافحة العدوى في جامعة جونز هوبكنز في بالتيمور – مؤلفة مشاركة في التقرير وذهبت مع ماكجرير إلى السعودية: “إن الفيروس قادر على الانتشار بصورة كبيرة، وهذا واحد من أهم الاكتشافات التي تبينت لدينا، إذ هناك احتمالات لانتشاره من إنسان لآخر، فهذا ليس جيلاً واحداً فقط”.

واعترفت ماكجرير وبيرل والمؤلفون الآخرون بأن هذا المرض ربما كان في الواقع أوسع بصورة لا يستهان بها مما يبدو، وذلك استناداً إلى الحالات التي ثبتت إصابتها، وتم التعرف على نحو عشرة أشخاص على أنها الحالات المحتملة، استناداً إلى تاريخ إصاباتهم وأعراضهم، وكانت نتائج الاختبارات سلبية، لكن من المعروف أن بعض المرضى لا تكون نتيجة اختبارات إصاباتهم موجبة إلا بعد إجراء عدة اختبارات.

وقالت ماكجرير: “لست واثقة من أننا استطعنا بصورة فعالة التعرف على جميع الحالات المحتملة خارج المستشفى، ولا أعتقد أن العدد هو ضعف العدد المعروف، لكنه ربما كان أكبر”، لافتة إلى أن بعض المرضى لم يتم اختبارهم أصلاً؛ لأن المستشفيات كانت تستخدم تعريف الحالة الذي وضعته منظمة الصحة العالمية، الذي يتطلب وجود التهاب الرئة، وبالتالي الأشخاص الذين كانوا مرضى بأمراض تنفسية، وكان لديهم اتصال مع مرضى ميرز، لكن دون أن يصابوا بالتهاب الرئة لم يتم التحقق منهم كحالات محتملة.

وقالت بيرل إنه ربما آن الأوان لتعديل التعريف الذي وضعته المنظمة، من أجل تشجيع الفحوص على نطاق أوسع في مواقف مثلما حدث في الأحساء.

وأوضح التقرير أن البيانات الواردة فيه هي أول كشف على نطاق واسع عما يحدث في الأحساء بالنسبة لمرض ميرز، وعلى الرغم من الضغط المتواصل والعلني من منظمة الصحة العالمية، إلا أن السعودية لم تشارك إلا بمعلومات قليلة حول مشكلة “ميرز” في البلاد، وهذا يجعل كثيراً من خبراء الأمراض المعدية يشعرون بالقلق حول ما إذا كان هناك وباء جديد على غرار سارز يختمر في بلاد ستستقبل ملايين الحجاج على مدى الأشهر الأربعة أو الخمسة المقبلة.

ورحب أوسترهولم بنشر هذه المعلومات، لكنه قال إن الدراسة لا تقول شيئاً حول انتشار ميرز في أماكن أخرى من السعودية.

المصدر: الاقتصادية