كاتب سعودي؛ كان سفيراً لبلاده في منظمة اليونسكو
1
قلت له، مهدئاً: لا تقلق، فتكاثر أعدائك هو دليل نجاحك.
فقال: وهل تكاثُر أصدقائي هو دليل فشلي؟!
2
كُتب وأُلّف الكثير عن (كيف تكسب الأصدقاء)، لكن ليس عن (الأعداء)، لأن كسب الأصدقاء عملية معقدة وطويلة وتحتاج إلى جهد كبير من الطرف الأول ومساهمة يسيرة من الطرف الثاني.
أما «كسب» الأعداء، أي الحصول على أعداء جدد، فهي للأسف عملية ميسرة وسريعة وتحتاج بالعكس إلى جهد يسير فقط من الطرف الأول وباقي الجهد سيتبرع بإكماله الطرف الثاني!
3
ما هي العلاقة بين صناعة النجاح وصناعة الأعداء؟
لماذا كلما تزايدت النجاحات يتزايد الأعداء؟
وهل نكد الأعداء هو ضريبة الفرح بالنجاح؟
هل يجب، كي أكون مسالماَ آمناً في حياتي وعلاقاتي مع الآخرين، أن أكون فاشلا ً؟!
لكنهم يقولون أيضاَ: إن الفشل يُذهب الأصدقاء!
أي أننا إذا نجحنا ظهر لنا أعداء .. وإذا فشلنا اختفى عنا الأصدقاء!
فما الحل، لمن لا يريد أن يكون له أعداء، ولا يريد أن يكون بلا أصدقاء؟!
الحل الوحيد: أن تحافظ على التوازن في أعمالك، بحيث لا تحقق فيها النجاح… كي لا تكسب أعداء، ولا تبوء فيها بالفشل… كي لا تخسر الأصدقاء.
إذاَ «التوازن» هو السر!
أتدرون ما هو «التوازن» هنا؟ هو أن تصبح إنساناَ… لا ناجحاَ ولا فاشلاَ، بل إنساناَ هامشياَ أو ما يسمّونه «السيد عادي».
بالمناسبة، فالسيد عادي ليس إنساناَ فاشلاَ، لأن الإنسان الفاشل هو الذي خاض محاولة أو محاولات للنجاح لكنها باءت بالفشل. أما الإنسان العادي فهو الذي لا يوجد في رصيده أي محاولة للنجاح… سواءَ أفلحت أو فشلت. ما يعني أن الانسان الفاشل هو أقرب إلى النجاح من الإنسان العادي، على الأقل في لحظة ما من حياته.
إذاً الحل الوحيد للإنسان كي يتخلص من أعدائه ويحافظ على أصدقائه هو أن يتحول إلى «السيد عادي» الذي لم يذق طعم النجاح أو الفشل في حياته، ولم يحاول ذلك.
إنه بحقّ حلّ «بغيض»!
فالإنسان منا يحب أن يجرب النجاح أو الفشل… لكن يكره أن يكون له أعداء، فهل من حل آخر؟!
4
يوجد حل، غير علاجي ولكنه مهدئ للآلام، وهو أن لا تبادل العداوة بمثلها حتى لا تنشغل عن النجاح في أعمالك بالنجاح في عداواتك.
تفاعلنا مع الاستفزازات يشبه تفاعلنا مع قرصة البعوض، فكلما حككناها ازدادت تهيجاً واحمراراً ثم ازدادت رغبتنا في المزيد من الحكة (الاحتكاك). بينما لو تحملنا ألم القرصة وأغفلناها لدقائق لانطفأت وبردت في وقت وجيز.
هذا مع احترامي وتقديري للأعداء، فتشبيههم بالبعوض ليس من باب الاحتقار ولكن ساقه تشابه الأدوار والآثار.
المصدر: الحياة