مؤسسة ومدير ة دار ورق للنشر في دبي وكاتبة عمود صحفي يومي بجريدة البيان
يتكرر هذا القول كثيراً هذه الأيام: «أخلاق الإنسان تكشفها نهاية العلاقة أكثر مما تكشفها البدايات» لأن البدايات دائماً شهية وحلوة، إنها دهشة الاكتشاف، وتدفق العاطفة، وجنون القبض على الأمنيات، وتحقق أحلام ربما لم يتخيل بعضنا أن بإمكانه أن يحلم بها فما باله بتحقيقها، هكذا تبدو البدايات: في الصداقة كما في الحب والزواج، والشراكات على اختلاف وتعدد مستوياتها، حيث يجتهد الشركاء لتقديم أنفسهم دائماً في صورة المثال الجدير بهذه العلاقة، كي يصل كلٌ منهم لمبتغاه، وحين يصل يتكشف له وللطرف الآخر أحد احتمالين: إما أنه جدير بالوصول وبالتالي بالثقة، وإما أن يسقط القناع، ويظهر ما تحته!!
حين نمضي قدماً في أية علاقة، وحين نستمر في الرحلة كثيراً أو طويلاً دون تردد أو حتى إن نلتفت إلى الوراء لنرى أما زلنا قريبين من محطة الانطلاق أم لا؟ فإن لذلك أسبابه الكامنة فينا أو في الطرف الآخر أو في طبيعة وشكل الرحلة التي تجمعنا أو فينا جميعاً دفعة واحدة، ما يعني أننا التقينا لأننا ائتلفنا واتفقنا وكنا جديرين لأن نبقى معاً، أي أننا كنا نستحق بعضنا البعض، هذا لا يعني أن الرحلة كانت طريقاً مفروشاً بالورد، لكنه يعني أننا كنا حريصين على أن نكمل الطريق بأقل قدر من الخسائر على حساب العلاقة!
إن الحرص على العلاقة واستمرارها ليس بالأمر السهل، لكنه يكون أقل صعوبة حين نعي الأمر ونجعله هدفاً، والهدف هو أن لا أخسر شريك الرحلة، وهذا لعمرك أمر جلل، نسبة لما يتمتع به الكائن البشري من أنانية أولاً، ومن غفلة واندفاع نحو ارتكاب الأخطاء بحكم الفطرة باعتبار كل ابن آدم خطَّاء في حق ربه فما بالنا بحق صديقه أو حبيبه أو…
من هنا فإن المرحلة الأخطر هي مرحلة النهاية، حين يبدو واضحاً أن الطريق لم يعد يحتمل الاثنين معاً، فكيف ننهي علاقاتنا يا ترى؟ بالفضائح والضغائن وإفشاء الأسرار و….، أم باحترام كل لحظة وكل كلمة وكل سر؟ هنا تظهر الأخلاق حين تجف المشاعر!
المصدر: البيان