المتطرفون والمتشددون متفقون على هدف واحد، ويسيرون نحوه من دون تردد أو تهاون، بينما العالم أجمع يصرخ من ضربات هذا التنظيم العدواني، ويحشد قواه العسكرية وغيرها، ولكن لم يتم بعد تحقيق النتائج المرجوة، والتي تعين أطفال العالم على الاستيقاظ صباحاً من دون أن يسمعوا هديراً أو زئيراً.
لماذا العالم على الرغم من اتفاقه واقتناعه أن القوى المضادة متطرفة وشريرة ومتخلفة وعدوانية إلى درجة العدمية والعبثية، لكن هذا العالم نفسه وفي حدود كل دولة ينطلق من أجندات خاصة ومن شهادات حسن سير وسلوك خاصة، كما أن ألوان الإرهاب تختلف من دولة وأخرى، وكذلك أشكال الإرهاب ومراميه ومساعيه وأهدافه بحكم ارتباطه بتلك الدولة أو هذه.. إذاً لا يمكن التخلص من آفة والاختلاف والخلاف على أشده حول مادة التخلص وأدواتها، وفي حقيقة الأمر فإن داعش وأخواتها ما هي إلا وهم وخيال جامح، صنع بأيدٍ خفية، ويراد منه باطل وعاطل العالم الإسلامي، ولا أعتقد أن داعش تستطيع أن تحقق هذا الانتشار السحري والأسطوري لولا وجود قوى خفية، تغذي وتوزع «ساندويتشات» النمو والتكاثر.
داعش ليس القوة الخارقة في ذاتها بل هي تتكئ على عوامل تغذية وتنمية خارجية، لأنه ما من عاقل يستطيع أن يصدق أن كل هذه الأقمار الصناعية والتقنيات المذهلة والجحافل العسكرية الفتاكة والأجهزة الدقيقة التي قيل إنها ترصد تحرك الذبابة ما بين فتحتي أنف الإنسان، كل هذا الإبداع الشرقي والغربي يقف اليوم عاجزاً عن تحقيق الخلاص من عذاب داعش، فعندما تكون دولة واحدة، ومهما كانت صغيرة أو كبيرة، بعيدة أو قريبة لها مصلحة في تضخيم داعش وتفخيمها وتفخيخها، فإنه من المستحيل القضاء على هذا الخطر، لماذا؟ لأن العالم بأكمله يعيش في قارب واحد، ومتى ما فكر شخص واحد من الركاب أن يخرج باطن القارب فإن الجميع سيؤول بهم المطاف إلى النهاية السوداوية، ولا ينجو لا المتسبب ولا المتضرر، فالجميع تحت سطوة الخطر في وعاء واحد، ولا شك أننا بعد زمن سوف نكتشف أننا وقعنا ضحية خدعة بصرية، وأن داعش ليست إلا الجرذ الذي كبر وتضخم في مستنقعات العالم وطواحينه الهوائية الخربة، سنكتشف أننا لو توحدنا ضد هذا الخطر سوف يصبح خلال فترة وجيزة شيئاً من التاريخ المندثر.
المصدر: الإمارات اليوم