كيف نجحت الإمارات في تحفيز نمو اقتصاد إفريقيا؟

أخبار

عززت دولة الإمارات من حضورها في قلب القارة السمراء، على امتداد السنوات الماضية، وتجسد ذلك من خلال رفع وتيرة حركة التبادلات التجارية مع إفريقيا، وضخ مزيد من الاستثمارات، وعقد شراكات حقيقية مع مؤسسات حكومية وشركات عاملة هناك.

تمتلك إفريقيا مقومات اقتصادية هائلة، خاصة في قطاعات الزراعة والمعادن والتعدين والمحاجر وغيرها، لكنها تفتقر للبنية التحتية المتطورة، التي تؤهلها للقيام بما هو في سبيل تعزيز دورة اقتصادها المحلي، على غرار بنية الإمارات التحتية من موانئ ومطارات وطرق وسكة حديد وخدمات رقمية هي الأسرع والأحدث عالمياً، ومن هنا؛ كرست الإمارات جهوداً كبيرةً لتحويل هذا التحدي، إلى فرص تجارية واستثمارية واقتصادية واعدة، وما يدلل على هذا الشأن، هو مدى التوسع الذي حققته «موانئ دبي» و»أبوظبي»، عبر اتفاقيات وشراكات وتفاهمات طويلة الأمد، وضخ مزيد من الأموال في شرايين القارة السمراء، لتكون الإمارات بذلك، مثالاً حياً يحتذى به، نحو النهوض بالمجتمعات المحلية الإفريقية، وتنميتها وتطوير اقتصاداتها، وتحسين شبكة طرقها وموانئها وبنيتها التحتية بشكل عام.

حقائق عن إفريقيا:

ثاني أكبر القارات مساحة

تقسم إلى 5 مناطق وأقاليم

1.4 مليار نسمة عدد السكان

4 % نمو الناتج المحلي 2024

الزراعة والتعدين أبرز المقومات

موجز

تُعد إفريقيا، ثانية أكبر قارات العالم، وتُشكل مساحتها ما يُقارب 20% من مساحة اليابسة، وتتميز في أنَّها مُقسمة إلى 5 مناطق إقليمية، وتستأثر بنحو خُمس سكان العالم في 2023 بواقع 1.4 مليار نسمة.

ومن المتوقع أن ينمو اقتصاد إفريقيا بوتيرة أسرع من بقية العالم، خلال العامين 2023 و2024، وفقاً لتقرير صدر مؤخراً عن مجموعة «بنك التنمية الإفريقي»، والذي حمل عنوان «أداء الاقتصاد الكلي الإفريقي وآفاقه». ومن المتوقع أن ينمو ناتجها المحلي الإجمالي الحقيقي بنحو 4% في المتوسط​​، وهو أعلى من المتوسطات العالمية المتوقعة التي تتراوح بين 2.7% و 3.2%.

وفقاً للتقرير، تباطأ متوسط ​​النمو المقدر للناتج المحلي الإجمالي الحقيقي من 4.8%، في عام 2021، إلى 3.8%، عام 2022. وعلى الرغم من هذا التباطؤ، سجلت 53 من أصل 54 دولة في إفريقيا؛ نمواً إيجابياً.

ولعل أبرز خمس قطاعات واعدة يعتمد عليها اقتصاد إفريقيا، هي: الزراعة، المعادن والتعدين، التصنيع، تجارة التجزئة، الخدمات المالية والمصرفية والتمويل.

توسع

تجاوزت استثمارات الإمارات في إفريقيا حاجز الـ110 مليارات دولار بحسب منظمة «أونكتاد»، لتكون الإمارات رابع أكبر مستثمر أجنبي مباشر هناك بعد الصين والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.

وعلى مدى عقد كامل (2013 – 2022)؛ استثمرت الإمارات في إفريقيا 60 مليار دولار (من أصل 100 مليار إجمالي استثمارات خليجية).

وفي 2022 تعهدت بضخ 52.8 مليار دولار استثمارات مباشرة، وتصدرت تصنيف الاستثمار الأجنبي المباشر للمرة الأولى، متجاوزة مساهمات بكين بمقدار 20 مرة والولايات المتحدة بـ7 مرات وفقاً لـ «FDI Markets».

وفي آخر سنتين، تصدرت الإمارات أكبر المستثمرين الأجانب في إفريقيا؛ بـ 97 مليار دولار، ثم بريطانيا 41.9 مليار دولار، وفرنسا 32 مليار دولار، والصين 28.7 مليار دولار، فالولايات المتحدة 15 مليار دولار.

وتنشط نحو 45 ألف شركة إفريقية في دولة الإمارات. فيما وصل التبادل التجاري بين الطرفين إلى 340 مليار درهم في 2023 بحسب آخر إحصائية لوزارة الاقتصاد.

وحلت جمهورية غينيا كأكبر الشركاء التجاريين الأفارقة مع الإمارات، بتبادلات تجاوزت 24 مليار درهم في 2023، في حين، تذيَلَت القائمة ( تضم 46 دولة وجزيرة)، جزر الكناري بنحو مليون درهم.

وعلى صعيد السلع التجارية الأكثر تبادلاً بين الجانبين، جاء الذهب أولاً بـ 142 مليار درهم، الماس ثانياً بـ28 ملياراً، الزيوت النفطية ثالثاً بـ12.5 مليار درهم، النحاس رابعاً بـ 12 ملياراً، أجهزة الهاتف خامساً بـ11.5 مليار درهم، السيارات سادساً بـ9.2 مليار، التبغ سابعاً بـ4.6 مليار، الحلي والمجوهرات بـ4 مليارات، والآلات المعالجة بـ3.3 مليار درهم.

أين تركزت أكثر السلع تبادلاً؟

الذهب 142 مليار درهم

الماس 28 مليار درهم

الزيوت النفطية 12.5 مليار درهم

النحاس12 مليار درهم

أجهزة الهاتف 11.5 مليار درهم

السيارات 9.2 مليار درهم

التبغ 4.6 مليار درهم

الحلي والمجوهرات 4 مليار درهم

الآلات المعالجة 3.3 مليار درهم

الأسرع نمواً

قال محمد عيضة المنهالي، الرئيس التنفيذي الإقليمي في «مجموعة موانئ أبوظبي»: هناك طلب متزايد على السلع المستوردة في إفريقيا، كما أن القارة تعد موطناً لبعض الاقتصادات الأسرع نمواً في العالم. وقد أدى ذلك إلى خلق طلب كبير على مشاريع البنية التحتية للموانئ والمرافق اللوجستية، والتي تساعد المجموعة على تطويرها، لزيادة وتعزيز شبكة الاتصال مع مراكز التجارة الرئيسية.

أضاف المنهالي: من الناحية الجغرافية، تعد إفريقيا؛ بوابة منطقة الشرق الأوسط مع العالم، لذا من المهم التأكد من أنها مجهزة جيداً بأفضل الموانئ والمرافق لاستيعاب الزيادة في الطلب على الموارد والخبرات. وإننا نتطلع إلى إحداث تأثير إيجابي ودائم على المجتمعات والاقتصادات الإفريقية من خلال بناء مرافق عالمية المستوى، وإنشاء مراكز حديثة، تضمن تحقيق الازدهار الاقتصادي، وتوظيف أحدث وسائل التكنولوجيا لدعم مبادرات الاستدامة.

وأوضح المنهالي: بفضل ما تمتلكه دولة الإمارات من تاريخ قوي في الاستثمار بقارة إفريقيا، فإن «موانئ أبوظبي» تتطلع إلى إحداث نقلة نوعية في مجتمعات القارة، من خلال تعزيز أواصر التعاون والاستثمار المتواصل وطويل المدى، وخلق الفرص الوظيفية المباشرة وغير المباشرة، ضمن المجتمعات التي ننشط بها، بما يتماشى مع توجيهات ورؤى القيادة الرشيدة لدولة الإمارات العربية المتحدة.

محفظة متنوعة

وقال المنهالي: نجحت «موانئ أبوظبي» على مدار الفترة الماضية في توسيع رقعة انتشارها العالمي، خاصة خلال العامين الماضيين، وذلك من خلال تخصيص استثمارات كبيرة في جميع أنحاء القارة، زاد إجماليها على 800 مليون دولار.

ففي مصر، استثمرت المجموعة 140 مليون دولار للاستحواذ على شركتي «ترانسمار» و«تي سي آي»، كما خصصت 200 مليون دولار لتطوير وتشغيل محطة متعددة الأغراض في ميناء سفاجا، بالإضافة إلى 4.7 مليون دولار لمحطات السفن السياحية، ليصل إجمالي الاستثمارات إلى 345 مليون دولار.

وفي جمهورية الكونغو، ستستثمر المجموعة ما يصل إلى 220 مليون دولار، على مدار الثلاثين شهراً القادمة، لتطوير وإدارة وتشغيل محطة متعددة الأغراض في ميناء بوانت نوار.

علاوةً على ذلك، ستستثمر المجموعة 251 مليون دولار في أنغولا، على مدى الأعوام الثلاثة المقبلة، لتحديث محطة لواندا متعددة الأغراض. وفي تنزانيا، أبرمت المجموعة شراكة مع كل من «موانئ أداني» وشركة «إيست هاربور تيرمينالز» للاستحواذ على محطة الحاويات رقم 2 في ميناء دار السلام مقابل 39.5 مليون دولار.

واستثمرت المجموعة في شركة جلوبال فيدر شيبينغ «جي إف إس»، خدمات الشحن البحري، التي تربط بين موانئ جيبوتي، وبربرة، ومومباسا، ودار السلام، والدار البيضاء، وطنجة، والسخنة، وبورسعيد، والإسكندرية، ودمياط، والدخيلة.

وتستثمر كذلك في خدمات الشحن البري عبر أسطول يتكون من 140 شاحنة، وفي شركة نواتوم، التي توجد في الجزائر والمغرب، وتم إنشاء شركة مشتركة للخدمات اللوجستية المتكاملة والشحن في أنغولا، ستديرها شركة «نواتوم للخدمات اللوجستية».

خطط استراتيجية

وتابع المنهالي: وضعت «موانئ أبوظبي» خططاً استراتيجية طويلة المدى لتعزيز مكانتها لرفد التجارة العالمية. وقد سعت ضمن هذه الخطط إلى الاستفادة من موقع القارة الاستراتيجي في قلب خريطة التجارة العالمية، حيث تتمتع بموقع جغرافي فريد، يربطها بالمحيطين الأطلسي والهندي، مما يعني أنها تلعب دوراً محورياً في تسهيل التجارة العالمية، وخاصة بين مناطق مثل الشرق الأوسط وأوروبا.

وقال المنهالي: تتطلع المجموعة دائماً إلى الاستفادة من شراكاتها العالمية لتسهيل التجارة والصناعة والخدمات اللوجستية في البلدان والمناطق الواقعة على طول طرق التجارة الرئيسية لدولة الإمارات. وفي عام 2022، أبرمت المجموعة اتفاقية تعاون مع مؤسسة التمويل الإفريقية، يعمل بموجبها الجانبان على تحديد البنى التحتية الخاصة بالموانئ والمستودعات ومشاريع المرافق البحرية واللوجستية الضرورية في جميع أنحاء القارة الإفريقية لتطويرها وتمويلها واستثمارها.

شريان تجاري

قال متحدث باسم مجموعة «دي بي ورلد» (موانئ دبي العالمية): تمثل التجارة شريان الحياة للاقتصاد العالمي؛ حيث تصنع الفرص وتحسن جودة حياة الناس حول العالم. وتسعى «دي بي ورلد» إلى إثراء مستقبل التجارة في إفريقيا، من خلال العمل على توفير سلاسل التوريد المتكاملة لمتعاملينا وشركائنا. وهذا يعني توسعة نطاق عملياتنا وإنشاء موانئ ومراكز لوجستية وشبكات أعمال جديدة لفتح بوابات سوق جديدة. وبذلك يمكننا ربط إفريقيا مع العالم في الاتجاهين، وإزالة العوائق أمام التجارة، وإنشاء منظومة قوية لتوسيع تدفق حركة التجاري البينية داخل إفريقيا وخارجها عبر العالم.وتابع: خلال السنوات الأخيرة، شهدنا تعاوناً مستمراً بين دولة الإمارات ومناطق مختلفة في جميع أنحاء القارة الإفريقية. وفق بيانات المنتدى الاقتصادي العالمي، حيث وظّفت دولة الإمارات 59.4 مليار دولار في مبادرات الاستثمار الأجنبي على امتداد القارة الإفريقية. وجاءت هذه الاستثمارات في التوقيت المناسب للمساعدة على سدّ فجوات البنية التحتية التي تعوق التنمية في إفريقيا.

وأوضح: يُعدّ استثمار «دي بي ورلد» في المنطقة الإفريقية محوراً أساسياً لنهجنا الاستراتيجي، الذي يُركّز على تمكين المتعاملين المحليين، عبر إنشاء بنية تحتية جديدة، وربط العمليات وتسهيلها، والحدّ من الاحتكاك، والمساعدة في تسهيل تدفق الحركة التجارية. والآن، تتمتع المجموعة بالقدرة على إنشاء سلاسل توريد آمنة وسلسة ومستدامة يمكنها المساعدة في بناء الاقتصادات المحلية، وتحسين أنماط الحياة وسُبل العيش، بما يمثل نجاحاً بالنسبة لنا كمؤسسة، ولمتعاملينا الذين يعتمدون على قدراتنا وحلولنا المتطوّرة دائماً.

حضور قوي

وقال المتحدث باسم مجموعة «دي بي ورلد»: وسّعت «دي بي ورلد» نطاق عملياتها في أنحاء القارة الإفريقية على مدى عقدين من الزمن، وتحظى الشركة الآن بحضور قويّ في 50 دولة إفريقية. ندير عمليات الموانئ والمحطات والخدمات اللوجستية وسلسلة التوريد، بالتعاون مع سلسلة من شبكات الشركاء تتيح لنا الوصول إلى الأسواق الإقليمية الرئيسية.ولإنجاز هذه العمليات، تعتمد مجموعة موانئ دبي العالمية على أكثر من 27,000 موظف، غالبيتهم العظمى من السكان المحليين.

تدفق تجاري

أوضح المتحدث الرسمي باسم «دي بي ورلد»: نظراً لحضورنا الواسع في جميع أنحاء إفريقيا، استثمرنا بشكل كبير في قدراتنا التشغيلية والبنية التحتية على امتداد القارة. ومع ذلك، نتطلع إلى تحقيق تحوّل إيجابي أكبر في عروضنا خلال السنوات القادمة. وفي الآونة الأخيرة، أعلنت المجموعة خطة لإنفاق 3 مليارات دولار في البنية التحتية الجديدة للموانئ والخدمات اللوجستية في جميع أنحاء القارة بحلول العام 2029. وتسهم السوق المتنامية للمعادن الأساسية، بما في ذلك النحاس من زامبيا وجمهورية الكونغو الديمقراطية، في زيادة الحاجة إلى قدرات لوجستية أكبر على امتداد القارة الإفريقية.

وسيتم تخصيص ملياري دولار من هذه الاستثمارات، لترقية وتطوير مرافق وقدرات الموانئ، في حين سيتم استثمار المليار دولار أمريكي المتبقية في الجانب اللوجستي من الأعمال.

وتابع: تتماشى هذه الاستثمارات مع هدفنا الرئيسي والمُتمثل في تسهيل تدفق الحركة التجارية عبر القارة، وتمكين التجار الأفارقة على الساحة العالمية. ومع إدراكنا أن التكلفة الإجمالية للخدمات اللوجستية وسلسلة التوريد عبر إفريقيا تتجاوز غيرها من التكلفة في الأسواق العالمية الأخرى، نسعى إلى تعزيز قدرات المراكز التجارية عبر القارة، وإلى توفير حلول لوجستية مبتكرة وأكثر فاعلية من حيث التكلفة.

المصدر: الخليج