مؤسسة ومدير ة دار ورق للنشر في دبي وكاتبة عمود صحفي يومي بجريدة البيان
أنصت باهتمام كبير لنقاشات تدور في بعض برامجنا الإذاعية مثلاً أو على بعض مواقع التواصل الاجتماعي، حول صورة الإنسان العربي بشكل عام أو صورة الخليجي بشكل خاص في الذهنية أو التصور الغربي، بناء على الطريقة، التي قدم أو يقدم بها العرب أو الخليجيون أنفسهم لهذا الغرب؛ في هذه الأيام الحاضرة أو خلال العقود والسنين الماضية كسلوكياتهم في بلاد أوروبا إذا ذهبوا للدراسة أو السياحة مثلاً!
أتوقف كثيراً، لأن فرضيات النقاش لا تبدو صحيحة أحياناً، ولا تبدو موضوعية أو منطقية في معظم الأحيان، فصورة العربي أو الشرقي في تصور الغرب ليست بالموضوع الجديد أو الطارئ، لكنه موضوع تاريخي وقديم جداً قدم العلاقة بين الشرق والغرب، وقدم الاستشراق والاستعمار والحروب، والغربي يقرأ كثيراً، وعليه فلديه تصور معرفي وانطباعي متراكم عن العربي، الإشكالية عند العربي، الذي لا يمتلك مثل هذه المعرفة، ولم يهتم بامتلاكها ذات يوم!
القضية أيضاً لها علاقة بتبادل مراكز الاستحواذ والنفوذ والسيطرة بين الشرق والغرب، وبتغير موازين القوة والتمدد والتفوق العلمي، باختصار القضية تاريخية وأقرب لقانون الصراع بين الشرق والغرب منها لقانون الصدفة أو تبادل المصالح ووجهات النظر، فهناك فجوة كبيرة جداً بدأت بخروج العرب مهزومين تماماً من غرناطة آخر ممالك العرب في الأندلس عام 1492، واستحواذ ملوك إسبانيا على ملك بني الأحمر، ومن ثم سيطرتهم على زمام الكشوف الجغرافية، واكتشاف الأميركتين، منذ تلك الأيام وصورة العربي القوي تتدهور في مقابل صورة الغربي التي تتعزز وتقوى وتسيطر، وهذا بالضبط ما يقود البعض لترديد عبارات معينة وسط هذا النوع من النقاشات!
لنقرأ: «ماذا سيقول عنكم الغرب»، «الأوروبيون يسخرون منكم»، «هل فكرتم في الصورة التي يكونونها عنا حين نتصرف بهذه الرعونة في بلادهم.. إلخ»، هذا هو مكمن العلة، فالعربي لا يزال مرهوناً في تقييم سلوكه إلى نظرة الأوروبي له، هذا الأوروبي الذي لا يحبه عادة، لكنه بازدواجية واضحة يعتبره مرجعية مؤكدة في تقييم سلوكه وتصرفاته، إن كانت صحيحة أو غير ذلك، وكأنه لا يملك مقياساً خاصاً به، يقيس مستوى صحة أو خطأ تصرفاته.
المصدر: البيان