إن كنت أحبك وأخاف عليك فسأخبرك أحياناً ببعض أخطائك وبآراء قد لا تسرك. فهل يعقل أن يهمني أمرك وأجاملك فيما يهمك ويؤثر على مستقبلك؟
أما إن كنت أبحث عن مصلحة أو مكسب خاص فستجدني أصف لك أجمل العبارات وأرق المدائح ولا يمكن أن تسمع مني إلا ما يسعدك ويشرح صدرك. فأنت على حق في كل الحالات وأنت الصواب وغيرك الخطأ وكل نقد يوجه لك مصدره حاقد وكاذب وحسود.
أما لأني فعلاً وصدقاً ومن أعماق القلب أخاف عليك فلابد أن أحذرك من خطر ربما أنت لا تراه ومن منافق يزين لك الكلام من أجل غرض خاص، أكبر همه الفوز ببعض غنائمك!
أنا أنبهك لمواقع الخطأ والخطر لأني أنا الباقي هنا أما هو فلن يبقى فيها لحظة واحدة متى ما أغلقت في وجهه أبواب غنائمك. وفي كل الحالات، أنا أسعى أن أصدقك الرأي الذي أعتقد به وأعدك إن تبين لي فيما بعد أن رأيي لم يكن في محله أن أتعلم من خطأي ولا أصر عليه عناداً أو مكابرة. ولو كنت أفكر في مصلحتي فقط، وليأتي الطوفان من بعدي، فستجدني دائماً أغني فيك أجمل الأغاني وأكتب فيك أروع القصائد وستسمعني دوماً أردد أنك على حق وغيرك على باطل وأنت سيد العارفين وكبير المفكرين ورمز الناجحين والمتفوقين. أما أنا -ولأني أخاف عليك- فسأنتقد بعض من حولك، من المهملين والمقصرين والمراهقين، الذين يسيئون بإهمالهم لك ولكل من تهمه مكانتك، وسأحذرك أحياناً مما أرى فيه مداخل للشر والكوارث ولن تجدني دائماً وعلى طول الطريق مبتسماً أهز رأسي مؤيداً لكل ما تقول أو تقرر.
لأني صدقاً أخاف عليك فإني،حقاً، أخاف عليك الآن منك.. ومن كثيرين حولك!
نشرت هذه المادة في صحيفة الشرق المطبوعة العدد رقم (١٠٩) صفحة (٣٦) بتاريخ (٢٢-٠٣-٢٠١٢)