لا ربيع في «الربيع»!

آراء

لأننا عطشى فإننا نفرح و ننتشي بأي قطرة مطر. وعندما ينهكنا العطش يلتبس علينا السراب بالماء! لكن الحقيقة تبقى أن الربيع العربي الغائب هو ربيع التفكير الحر، ربيع العقل لا العواطف.

وبعيداً عن جدالاتنا حول ما حدث من تغيير مهول في الشارع العربي على مدى سنة، ونحن ندرك أن كثيرا من إفرازاته هي من نتاج ما زرعته الأنظمة السابقة، تبقى أحداث الشارع العربي اليوم شاهد على أزمة العرب الحقيقة: غياب العقل!

هذه الحروب والفتن المنتشرة على مد البصر في خارطتنا العربية تعكس عمق الأزمة الحقيقة في ثقافتنا. فلا إنسانية الإنسان تحترم ولا قيم الدين تراعى ولا ظروف العصر وتحدياته تؤخذ في الحسبان. والأسوأ أن الكل يبرر اليوم مواقفه وأفعاله تارة بالدين وأخرى بالتاريخ.

خطيب جامع في مصر يقسم من على المنبر أن الله، جل جلاله، قد أوصى خيراً بأحد المرشحين للرئاسة في مصر. وهذه الروح «العدائية» المنتشرة بين أطياف المجتمع الواحد تعكس عمق «العداوة» المتجذرة بين أصحاب الرأي المختلف.

مناخ مخيف من التوتر وضبابية الرؤية ينذر بما قد يكون أسوأ. ويبقى السؤال: من أسس لهذا المشهد العربي المخيف؟ أليست هي أجهزة القمع في الأنظمة المخلوعة؟

الجديد اليوم هو أن الجهل الكبير المنتشر في منطقتنا كان كثيره مدفوناً بفعل القبضة الأمنية الصارمة لكنه اليوم ظاهر على السطح. وحينما يكون الجهل سيد المشهد فبماذا ينفع الكلام عن الديموقراطية و التغيير والانتخابات حكم الشعب؟

حاجتنا اليوم ماسة لقادة فكر وفلسفة وعلم يفتحون الأبواب والنوافذ لمناخ فكر جديد يقدم العقل على العواطف و يخرج العقل العربي من سجن الأمس إلى تحديات المستقبل وآفاقه. عندها يبدأ الربيع!

نشرت هذه المادة في صحيفة الشرق المطبوعة العدد رقم (١٢٨) صفحة (٣٦) بتاريخ (١٠-٠٤-٢٠١٢)